لضرر، والنذر لا يأتي بذلك المطلوب، وهو الخير الكائن في النفع أو الخير الكائن في اندفاع الضرر. قال الخطابي في الاعلام: هذا باب من العلم غريب وهو أن ينهى عن فعل شئ حتى إذا فعل كان واجبا. وقد ذهب أكثر الشافعية ونقل عن نص الشافعي أن النذر مكروه، وكذا عن المالكية وجزم الحنابلة بالكراهة. وقال النووي: إنه مستحب صرح بذلك في شرح المهذب وروي ذلك عن القاضي حسين والمتولي والغزالي، وجزم القرطبي في المفهم بحمل ما ورد في الأحاديث من النهي على نذر المجازاة فقال: هذا النهي محله أن يقول مثلا: إن شفى الله مريضي فعلي صدقة. ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكورة على حصول الغرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى بما صدر منه بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه، وهذه حالة البخيل فإنه لا يخرج من ماله شيئا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبا، وهذا المعنى هو المشار إليه بقوله: إنما يستخرج به من البخيل قال: وقد ينضم إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن الله تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة في الحديث بقوله: فإنه لا يرد شيئا والحالة الأولى تقارب الكفر والثانية خطأ صريح. قال الحافظ: بل تقرب من الكفر.
ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة قال: والذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد فيكون إقدامه على ذلك محرما، والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك. قال الحافظ: وهو تفصيل حسن، ويؤيده قصة ابن عمر راوي الحديث في النهي عن النذر فإنها في نذر المجازاة. وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: * (يوفون بالنذر) * (الانسان: 7) قال: كانوا ينذرون طاعة الله تعالى من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسماهم الله تعالى أبرارا، وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة، وقد يشعر التعبير بالبخيل أن المنهي عنه من النذر ما فيه مال فيكون أخص من المجازاة، لكن قد يوصف بالبخل من تكاسل عن الطاعة كما في الحديث المشهور: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي أخرجه النسائي وصححه ابن حبان، أشار إلى ذلك العراقي في شرح الترمذي. وقد نقل القرطبي