وأما حديث ابن عباس فرواه الدارقطني وفي إسناده موسى بن عثمان العبدي وهو مجهول. وأما حديث كعب بن مالك فأخرجه الطبراني في الكبير وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف. وأما حديث جابر فأخرجه الدارمي وأبو داود وفي إسناده عبد الله بن أبي الزناد القداح عن أبي الزبير والقداح ضعيف وله طرق أخر. وأما حديث أبي أمامة وأبي الدرداء فأخرجهما الطبراني من طريق راشد بن سعد وفيه ضعف وانقطاع. وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني وفي إسناده عمر بن قيس وهو ضعيف. قوله: ذكاة الجنين ذكاة أمه مرفوعان بالابتداء والخبر والمراد الاخبار عن ذكاة الجنين بأنها ذكاة أمه فيحل بها كما تحل الام بها ولا يحتاج إلى تذكية، وإليه ذهب الثوري والشافعي والحسن بن زياد وصاحبا أبي حنيفة، وإليه ذهب أيضا مالك، واشترط أن يكون قد أشعر لما في بعض روايات الحديث عن ابن عمر بلفظ:
إذا أشعر الجنين فذكاته ذكاة أمه وقد تفرد به أحمد بن عصام كما تقدم، والصحيح أنه موقوف فلا حجة فيه. وأيضا قد روي من طريق ابن أبي ليلى مرفوعا. ذكاة الجنين ذكاة أمه أشعر أولم يشعر وفيه ضعف كما تقدمت الإشارة إليه. وأيضا قد روي من طريق ابن عمر نفسه مرفوعا وموقوفا، كما رواه البيهقي أنه قال: أشعر أو لم يشعر وذهبت العترة وأبو حنيفة إلى تحريم الجنين إذا خرج ميتا وأنها لا تغني تذكية الام عن تذكيته محتجين بعموم قوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة) * (المائدة: 3) وهو من ترجيح العام على الخاص، وقد تقرر في الأصول بطلانه، ولكنهم اعتذروا عن الحديث بما لا يغني شيئا فقالوا: المراد ذكاة الجنين كذكاة أمه، ورد بأنه لو كان المعنى على ذلك لكان منصوبا بنزع الخافض والرواية بالرفع، ويؤيده أنه روي بلفظ ذكاة الجنين في ذكاة أمه أي كائنة أو حاصلة في ذكاة أمه وروي ذكاة الجنين بذكاة أمه والباء للسببية، قال في التلخيص فائدة، قال ابن المنذر: أنه لم يرو عن أحد من الصحابة ولا من العلماء أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه إلا ما روي عن أبي حنيفة اه. وظاهر الحديث أنه يحل بذكاة الام الجنين مطلقا سواء خرج حيا أو ميتا فالتفصيل ليس عليه دليل.