قال ابن بطال: ذهب مالك والجمهور إلى أن من أكره على يمين إن لم يحلفها قتل أخوه المسلم أنه لا حنث عليه. وقال الكوفيون يحنث. قوله: مرحبا بالأخ الصالح فيه دليل على صحة إطلاق الاخوة على بعض الأنبياء من بعض منهم والجهة الجامعة هي النبوة. قوله: ونبي الله شاب فيه جواز إطلاق اسم الشاب على من كان في نحو الخمسين السنة، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند مهاجره قد كان مناهزا للخمسين إن لم يكن قد جاوزها، وفي إثبات الشيخوخة لأبي بكر والشباب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إشكال، لأن أبا بكر أصغر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنه عاش بعده ومات في السن التي مات فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويمكن أن يقال إن أبا بكر ظهرت عليه هيئة الشيخوخة من الشيب والنحول في ذلك الوقت والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يظهر عليه ذلك، ولهذا وقع الخلاف بين الرواة في وجود الشيب فيه عند موته صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هذا التعريض الواقع من أبي بكر غاية اللطافة. قوله: على ما يصدقك به صاحبك فيه دليل على أن الاعتبار بقصد المحلف من غير فرق بين أن يكون المحلف هو الحاكم أو الغريم، وبين أن يكون المحلف ظالما أو مظلوما صادقا أو كاذبا. وقيل هو مقيد بصدق المحلف فيما ادعاه، أما لو كان كاذبا كان الاعتبار بنية الحالف، وقد ذهبت الشافعية إلى أن تخصيص الحديث بكون المحلف هو الحاكم، ولفظ صاحبك في الحديث يرد عليهم، وكذلك ما ثبت في رواية لمسلم بلفظ: اليمين على نية المستحلف قال النووي: أما إذا حلف بغير استحلاف ووري فتنفعه التورية ولا يحنث سواء حلف ابتداء من غير تحليف أو حلفه غير القاضي أو غير نائبه في ذلك، ولا اعتبار بنية المستحلف بكسر اللام غير القاضي. وحاصله أن اليمين على نية الحالف في كل الأحوال إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه. قال: والتورية وإن كان لا يحنث بها فلا يجوز فعلها حيث يبطل بها حق المستحلف وهذا مجمع عليه انتهى. وقد حكى القاضي عياض الاجماع على أن الحالف من غير استحلاف ومن غير تعلق حق بيمينه له نيته ويقبل قوله، وأما إذا كان لغيره حق عليه فلا خلاف أنه يحكم عليه بظاهر يمينه، سوا حلف متبرعا أو باستحلاف انتهى ملخصا.
وإذا صح الاجماع على خلاف ما يقضي به ظاهر الحديث كان الاعتماد عليه، ويمكن