بحمل الكراهة على التنزيه ويكون شربه صلى الله عليه وآله وسلم بيانا للجواز.
وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شرب لبنا فمضمض وقال إن له دسما رواه أحمد والبخاري. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الاعرابي وقال: الأيمن فالأيمن رواه الجماعة إلا النسائي. وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ فقال الغلام: والله يا رسول الله لا آثرت بنصيبي منك أحدا فتله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في يده متفق عليه. وعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ساقي القوم آخرهم شربا رواه ابن ماجة والترمذي وصححه.
حديث أبي قتادة أخرجه أيضا أبو داود قال المنذري: ورجال إسناده ثقات وقد أخرج مسلم في حديث أبي قتادة الأنصاري الطويل قلت لا أشرب حتى يشرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن الساقي آخرهم. قوله: فمضمض فيه مشروعية المضمضة بعد شراب اللبن. وقد روى أبو جعفر الطبري من طريق عقيل عن ابن شهاب بلفظ: تمضمضوا من شرب اللبن والعلة الدسومة الكائنة في اللبن والتعليل بذلك يشعر بأن ما كان له دسومة من مأكول أو مشروب فإنها تشرع له المضمضة. قوله: قد شيب بماء أي مزج بالماء وإنما كانوا يمزجونه بالماء لأن اللبن يكون عند حلبه حارا وتلك البلاد في الغالب حارة، فكانوا يمزجونه بالماء لذلك. قوله:
ثم أعطى الاعرابي وقال: الأيمن فالأيمن يجوز أن يكون قوله الأيمن مبتدأ خبره محذوف أي الأيمن مقدم أو أحق، ويجوز أن يكون منصوبا على تقدير قدموا الأيمن أو أعطوا. وفيه دليل على أنه يقدم من على يمين الشارب في الشرب وهلم جرا وهو مستحب عند الجمهور. وقال ابن حزم، يجب ولا فرق بين شراب اللبن وغيره كما في حديث سهل بن سعد وغيره. ونقل عن مالك، أنه خصه بالماء، قال ابن عبد البر: لا يصح عن مالك. وقال عياض: يشبه أن يكون مراده أن السنة ثبتت نصافي الماء خاصة، وتقديم الأيمن في غير شرب الماء يكون بالقياس قال ابن العربي: كان