ابن المنير: لم يبتت كعب الانخلاع بل استشار هل يفعل أم لا؟ قال الحافظ: ويحتمل أن يكون استفهم وحذفت أداة الاستفهام. ومن ثم كان الراجح عند الكثير من العلماء وجوب الوفاء ممن التزم أن يتصدق بجميع ماله إذا كان على سبيل القربة.
وقيل: إن كان مليا لزمه، وإن كان فقيرا فعليه كفارة يمين وهذا قول الليث، ووافقه ابن وهب وزاد: وإن كان متوسطا يخرج قدر زكاة ماله. والأخير عن أبي حنيفة بغير تفصيل وهو قول ربيعة. وعن الشعبي وابن أبي ليلى: لا يلزمه شئ أصلا. وعن قتادة يلزم الغنية العشر والمتوسط السبع والمملق الخمس. وقيل: يلزم الكل إلا في نذر اللجاج فكفارة يمين. وعن سحنون يلزمه أن يخرج ما لا يضر به. وعن الثوري والأوزاعي وجماعة يلزمه كفارة يمين بغير تفصيل. وعن النخعي يلزمه الكل بغير تفصيل، وإذا تقرر ذلك فقد دل حديث كعب أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله أن يمسك بعضه ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ. وقيل: إن التصدق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال، فمن كان قويا على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يمنع وعليه يتنزل فعل أبي بكر الصديق وإيثار الأنصار على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، ومن لم يكن كذلك فلا، وعليه يتنزل لا صدقة إلا عن ظهر غني، وفي لفظ: أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غني.
باب ما يجزي من عليه عتق رقبة مؤمنة بنذر أو غيره عن عبيد الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار: أنه جاء بأمة سوداء فقال : يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت نعم، قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: فأعتقها. وعن أبي هريرة: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجارية سوداء أعجمية فقال: يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها، فقالها: من أنا؟ فأشارت بأصبعها إلى رسول الله وإلى السماء أي أنت رسول الله فقال: أعتقها رواهما أحمد.