قيام الريبة. وأما شهادة المدعي لنفسه واستحقاقه بمجرد اليمين فإن الآية تضمنت نقل الايمان إليه عند ظهور اللوث بخيانة الوصيين، فيشرع لهما أن يحلفا ويستحقا، كما يشرع لمدعي القسامة أن يحلف ويستحق، فليس هو من شهادة المدعي لنفسه، بل من باب الحكم له بيمينه القائمة مقام الشهادة لقوة جانبه، وأي فرق بين ظهور اللوث في صحة الدعوى بالدم وظهوره في صحة الدعوى بالمال؟ وحكى الطبري أن بعضهم قال: المراد بقوله: * (اثنان ذوا عدل منكم) * (المائدة: 106) الوصيان، قال: والمراد بقوله: * (شهادة بينكم) * (المائدة: 106) معنى الحضور بما يوصيهما به الوصي ثم زيف ذلك، وهذا الحكم يختص بالكافر الذمي، وأما الكافر الذي ليس بذمي فقد حكي في البحر الاجماع على عدم قبول شهادته على المسلم مطلقا.
باب الثناء على من أعلم صاحب الحق بشهادة له عنده وذم من أدى شهادة من غير مسألة عن زيد بن خالد الجهني: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها؟ رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة. وفي لفظ: الذين يبدؤون بشهادتهم من غير أن يسألوا عنها رواه أحمد. وعن عمران بن حصين: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، ثم إن من بعدهم قوما يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن متفق عليه. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: خير أمتي القرن الذي بعثت فيه ، ثم الذين يلونهم، والله أعلم أذكر الثالث أم لا؟ قال: ثم يخلف بقوم يشهدون قبل أن يستشهدوا رواه أحمد ومسلم.
قوله: ألا أخبركم بخير الشهداء جمع شهيد كظرفاء جمع ظريف ويجمع أيضا على شهود. والمراد بخير الشهداء أكملهم في رتبة الشهادة وأكثرهم ثوابا