ذلك الرجوع إلى الترجيح، وأحاديث الباب أرجح، فيكون القول ما يقوله البائع ما لم يكن مدعيا. (فإن قيل) الجمع ممكن بجعل الأحاديث الواردة في المتبايعين مخصصة لعموم أحاديث الباب، فيبنى العام على الخاص، ويكون القول قول البائع مطلقا، سواء كان مدعيا أو مدعى عليه إذا كان التنازع بينه وبين المشتري، وما عدا البائع فإن كان مدعيا فعليه البينة، وإن كان مدعى عليه فالقول قوله مع يمينه. قلت: هذا متوقف على أمرين: أحدهما أن أحاديث الباب أعم مطلقا من أحاديث اختلاف المتبايعين. والثاني أن أحاديث اختلاف البيعين صالحة للاحتجاج بها منتهضة لتخصيص أحاديث الباب، وفي كلا الامرين نظر أما الأول: فلان التخصيص إنما يكون بإخراج فرد من العام عن الامر المحكوم به عليه، والعام ههنا هو المدعى عليه، والمحكوم به عليه هو وجوب اليمين عليه. وحديث اختلاف البيعين له صورتان: إحداهما أن يكون البائع مدعى عليه، والثانية أن يكون مدعيا، والأولى موافقة للعام داخلة تحت حكمه غير مستثناة منه، والثانية مخالفة للعام لأن العام هو باعتبار المدعى عليه وهذا مدع لا مدعى عليه فهو مخالف له، فلا يصح أن يقال بأنه مخصص له، وإن كان التخصيص بالنسبة إلى عموم الأحاديث الدالة على وجوب البينة على المدعي. ووجه التخصيص أن يقال: هذا مدع ولم تجب عليه البينة فهذا مستقيم وإن لم يدعه القائل بالتخصيص، ولكن حديث فالقول ما يقول البائع مع قوله في بعض ألفاظ الحديث كما تقدم في البيع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالبائع أن يستحلف، هو أعم من الأحاديث القاضية بوجوب البينة على المدعي من وجه لشموله لصورة أخرى وهي حيث كان البائع مدعى عليه فالأظهر العموم والخصوص من وجه لا مطلقا. وأما الثاني فقد عرفت عدم انتهاض الأحاديث المذكورة للتخصيص لما فيها من المقال.
باب التشديد في اليمين الكاذبة عن أبي أمامة الحارثي: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة، فقال رجل:
وإن كان شيئا يسيرا؟ قال: وإن كان قضيبا من أراك رواه أحمد ومسلم وابن ماجة