فإنه قد يحمل من بلد إلى بلد فيباع. قوله: ثلاثة لا يكلمهم الله الخ، فيه دليل على أن حالهم يوم القيامة حال المغضوب عليهم، لأن هذه الأمور لا تكون إلا عند الغضب فهي كناية عن حلول العذاب بهم. قوله: رجل على فضل ماء بالفلاة قد تقدم الكلام على منع فضل الماء وحكم مانعه. قوله: بعد العصر خصه لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار. قوله: لقد أعطي بها الخ، قال في الفتح: وقع مضبوطا بضم الهمزة وفتح الطاء على البناء للمجهول، وفي بعضها بفتح الهمزة والطاء على البناء للفاعل والضمير للحالف وهي أرجح، ومعنى لاخذها بكذا أي لقد أخذها، وقد استدل بأحاديث الباب على جواز التغليظ على الحالف بمكان معين كالحرم والمسجد ومنبره صلى الله عليه وآله وسلم، وبالزمان كبعد العصر ويوم الجمعة ونحو ذلك. وقد ذهب إلى هذا الجمهور كما حكاه صاحب الفتح. وذهبت الحنفية إلى عدم جواز التغليظ بذلك. وعليه دلت ترجمة البخاري فإنه قال في الصحيح: (باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين) وذهبت العترة إلى مثل ما ذهبت إليه الحنفية كما حكى ذلك عنهم صاحب البحر. وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك موضع اجتهاد للحاكم. وقد ورد عن جماعة من الصحابة طلب التغليظ على خصومهم في الايمان بالحلف بين الركن والمقام وعلى منبره صلى الله عليه وآله وسلم. وورد عن بعضهم الامتناع من الإجابة إلى ذلك. وروي عن بعض الصحابة التحليف على المصحف. والحاصل أنه لم يكن في أحاديث الباب ما يدل على مطلوب القائل بجواز التغليظ، لأن الأحاديث الواردة في تعظيم ذنب الحالف على منبره صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك الأحاديث الواردة في تعظيم ذنب الحالف بعد العصر لا تدل على أنها تجب إجابة الطالب للحلف في ذلك المكان أو ذلك الزمان. وقد علمنا صلى الله عليه وآله وسلم كيف اليمين فقال للرجل الذي حلفه: احلف بالله الذي لا إله إلا هو كما في حديث ابن عباس. وقال في حديث ابن عمر المذكور في الباب: ومن حلف له بالله فليرض ومن لم يرض فليس من الله وهذا أمر منه صلى الله عليه وآله وسلم بالرضا لمن حلف له بالله، ووعيد لمن لم يرض بأنه ليس من الله، ففيه أعظم دلالة على عدم وجوب الإجابة إلى التغليظ بما ذكر، وعدم جواز طلب ذلك ممن لا يساعد عليه. وقد كان الغالب من تحليفه صلى الله عليه وآله وسلم لغيره وحلفه
(٢٢٦)