هو الاقتصار على اسم الله مجردا عن الوصف كما في قوله: والله لا أحلف على شئ فأرى غيره خيرا منه إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني وكما في تحليفه صلى الله عليه وآله وسلم لركانة فإنه اقتصر على اسم الله. وتارة كان يحلف صلى الله عليه وآله وسلم فيقول: لا والذي نفسي بيده لا ومقلب القلوب. وقال تعالى: * (فيقسمان بالله) * (المائدة: 106) ومن جملة ما استدل به البخاري على عدم وجوب التغليظ حديث: شاهداك أو يمينه ووجه ذلك أن الذي أوجبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو مطلق اليمين، وهي تصدق على من حلف في أي زمان وأي مكان، فمن بذل لخصمه أن يحلف له حنث هو ولم يجبه إلى مكان مخصوص ولا إلى زمان مخصوص، فقد بذل ما أوجبه عليه الشارع ولا يلزمه الزيادة على ذلك، لأن الذي تعبد به هو اليمين على أي صفة كانت، ولم يتعبد بأشد الايمان جرما وأعظمها ذنبا. على أنه قد ورد في اليمين التي يقتطع بها حق امرئ مسلم من الوعيد ما ليس عليه من مزيد كما في الباب الذي قبل هذا أنها من الكبائر ومن موجبات النار، وليس في الحلف على منبره صلى الله عليه وآله وسلم وبعد العصر زيادة على هذا، فالحق عدم وجوب إجابة الحالف لمن أراد تحليفه في زمان مخصوص أو مكان مخصوص أو بألفاظ مخصوصة. وقد روى ابن رسلان أنهم ليختلفوا في جواز التغليظ على الذمي، فإن صح الاجماع فذاك عند من يقول بحجيته، وإن لم يصح فغاية ما يجوز التغليظ به هو ما ورد في حديث الباب وما يشابهه من التغليظ باللفظ، وأما التغليظ بزمان معين أو مكان معين على أهل الذمة مثل أن يطلب منه أن يحلف في الكنائس أو نحوها فلا دليل على ذلك.
باب ذم من حلف قبل أن يستحلف عن ابن عمر قال: خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس إني قمت فيكم كقيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فينا، قال: أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد الشاهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم