يحرم تناوله بالاتفاق. وحكى ابن قتيبة عن قوم من مجان أهل الكلام أن النهي عنها للكراهة وهو قول مجهول لا يلتفت إلى قائله. وحكي أبو جعفر النحاس عن قوم: أن الحرام ما أجمعوا عليه. وما اختلفوا فيه فليس بحرام، قال: وهذا عظيم من القول يلزم منه القول بحل كل شئ اختلف في تحريمه ولو كان الخلاف واهيا. ونقل الطحاوي في اختلاف العلماء عن أبي حنيفة أن الخمر حرام قليلها وكثيرها، والسكر من غيرها حرام، وليس كتحريم الخمر، والنبيذ المطبوخ لا بأس به من أي شئ كان. وعن أبي يوسف لا بأس بالنقيع من كل شئ وإن غلا إلا الزبيب والتمر، قال: كذا حكاه محمد عن أبي حنيفة، وعن محمد: ما أسكر كثيره فأحب إلي أن لا أشربه ولا أحرقه. وقال الثوري:
أكره نقيع التمر ونقيع الزبيب إذا غلا، قال: ونقيع العسل لا بأس به انتهى. والبسر بضم الموحدة من تمر النخل معروف. قوله: من فضيخ بالفاء ثم معجمتين وزن عظيم اسم للبسر إذا شدخ ونبذ. وأما الزهو فبفتح الزاي وسكون الهاء بعدها واو وهو البسر الذي يحمر أو يصفر قبل أن يترطب، وقد يطلق الفضيخ على خليط البسر والتمر، ويطلق على البسر وحده وعلى التمر وحده. قوله:
فأهرقها الهاء بدل من الهمزة والأصل أراقها، وقد تستعمل هذه الكلمة بالهمزة والهاء معا كما وقع هنا وهو نادر. قوله: وهي من خمسة من العنب قال في الفتح: هذا الحديث أورده أصحاب المسانيد والأبواب في الأحاديث المرفوعة لأن له عندهم حكم الرفع، لأنه خبر صحابي شهد التنزيل وأخبر عن سبب، وقد خطب به عمر على المنبر بحضرة كبار الصحابة وغيرهم، فلم ينقل عن أحد منهم إنكاره، وأراد عمر بنزول تحريم الخمر نزول قوله تعالى: * (إنما الخمر والميسر) * الآية فأراد عمر التنبيه على أن المراد بالخمر في هذه الآية ليس خاصا بالمتخذ من العنب بل يتناول المتخذ من غيرها انتهى. ويؤيده حديث النعمان بن بشير المذكور في الباب، وفي لفظ منه عند أصحاب السنن، وصححه ابن حبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة ولأحمد من حديث أنس بسند صحيح قال: الخمر من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة بضم المعجمة وتخفيف الراء من الحبوب معروفة. قوله:
والخمر ما خامر العقل أي غطاه أو خالطه فلم يتركه على حاله وهو مجاز، والعقل هو آلة التمييز، فلذلك حرم ما غطاه أو غيره لأن بذلك يزول الادراك الذي