رواه عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن فأرة وذكر الحديث. وأما الزيادة في حديث ميمونة التي زادها أبو داود والنسائي فصححها ابن حبان وغيره. قوله: فماتت استدل بهذا الحديث لإحدى الروايتين عن أحمد أن المائع إذا حلت فيه النجاسة لا ينجس إلا بالتغير وهو اختيار البخاري، ووجه الاستدلال ما قاله ابن العربي متمسكا بقوله: وما حولها على أنه كان جامدا قال: لأنه لو كان مائعا لم يكن له حول، لأنه لو نقل من جانب خلفه غيره في الحال فيصير مما حوله فيحتاج إلى إلقائه كله، فما بقي إلا اعتبار ضابط كلي في المائع وهو التغير، ولكنه يدفع هذا ما في الرواية الأخيرة من حديث ميمونة وما في حديث أبي هريرة المذكور من التفرقة بين الجامد والمائع، وتبيين حكم كل واحد منهما، وضابط المائع عند الجمهور أن يتراد بسرعة إذا أخذ منه شئ، واستدل بقوله فماتت على أن تأثيرها إنما يكون بموتها فيه، فلو وقعت فيه وخرجت بلا موت لم يضر، وما عدا الفأرة ملحق بها، وكذلك ما يشابه السمن ملحق فلا عمل بمفهومهما. وجمد ابن حزم على عادته قال: فلو وقع غير جنس الفأرة من الدواب في مائع لم ينجس إلا بالتغير، ولم يرد في طريق صحيحة تقدير ما يلقى. وقد أخرج ابن أبي شيبة من مرسل عطاء بن يسار أنه يكون قدر الكف وسنده جيد لولا إرساله. وأما ما أخرجه الطبراني عن أبي الدرداء مرفوعا من التقييد في المأخوذ منه بثلاث غرفات بالكفين فسنده ضعيف، ولو ثبت لكان ظاهرا في المائع. واستدل بقوله: في المائع فلا تقربوه على أنه لا يجوز الانتفاع به في شئ، فيحتاج من أجاز الانتفاع به في غير الاكل كالشافعية، أو أجاز بيعه كالحنفية أولى الجواب عن الحديث فإنهم احتجوا به في التفرقة بين الجامد والمائع. وأما الاحتجاج بما عند البيهقي من حديث ابن عمر بلفظ: إن كان السمن مائعا انتفعوا به ولا تأكلوه وعنده من رواية ابن جريج مثله، فالصحيح أنه موقوف، وعند البيهقي أيضا عن ابن عمر في فأرة وقعت في زيت فقال: استصبحوا به وادهنوا به أدمكم، وهذا السند على شرط الشيخين لأنه من طريق الثوري عن أيوب عن نافع عنه إلا أنه موقوف. واستدل بالحديث على أن الفارة طاهرة العين، وأغرب ابن العربي فحكى عن الشافعي وأبي حنيفة أنها نجسة
(٤٠)