لا يضبطون الشهادة على وجهها. قال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيهم من عدم العلم بإتيان الشهادة على وجهها ولا يقيمونها على حقها لقصور علمهم عما يغيرها عن وجهها، وكذلك قال أحمد. وذهب إلى العمل بالحديث جماعة من أصحاب أحمد. وبه قال مالك وأبو عبيد. وذهب الأكثر إلى القبول. قال ابن رسلان: وحملوا هذا الحديث على من لم تعرف عدالته من أهل البدو، والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم اه. وهذا حمل مناسب لأن البدوي إذا كان معروف العدالة كان رد شهادته لعلة كونه بدويا غير مناسب لقواعد الشريعة، لأن المساكن لا تأثير لها في الرد والقبول لعدم صحة جعل ذلك مناطا شرعيا ولعدم انضباطه، فالمناط هو العدالة الشرعية إن وجد للشرع اصطلاح في العدالة، وإلا توجه الحمل على العدالة اللغوية، فعند وجود العدالة يوجد القبول، وعند عدمها يعدم، ولم يذكر صلى الله عليه وآله وسلم المنع من شهادة البدوي إلا لكونه مظنة لعدم القيام بما تحتاج إليه العدالة، وإلا فقد قبل صلى الله عليه وآله وسلم في الهلال شهادة بدوي.
باب ما جاء في شهادة أهل الذمة بالوصية في السفر عن الشعبي: أن رجلا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا هذه ولم يجد أحدا من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب، فقدما الكوفة فأتيا الأشعري يعني أبا موسى فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا، وإنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما رواه أبو داود والدارقطني بمعناه. وعن جبير بن نفير قال:
دخلت على عائشة فقالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت نعم، قالت: فإنها آخر سورة أنزلت، فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه رواه أحمد. وعن ابن عباس قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بذهب، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم وجد الجام