تخصيص المسلم إذا كان خصمه كافرا فلا يساويه في الموقف بل يرفع موقف المؤمن على موقف الكافر لأن الاسلام يعلو ويستفاد من الحديث أن الخصمين لا يتنازعان قائمين أو مضطجعين أو أحدهما. قوله: حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فيه دليل على أنه لا يحرم على الحاكم أن يحكم قبل سماع حجة كل واحد من الخصمين واستفصال ما لديه والإحاطة بجميعه، والنهي يدل على قبح المنهي عنه، والقبح يستلزم الفساد، فإذا قضى قبل السماع من أحد الخصمين كان حكمه باطلا فلا يلزم قبوله، بل يتوجه عليه نقضه ويعيده على وجه الصحة أو يعيده حاكم آخر، فإن امتنع أحد الخصمين من الإجابة لخصمه جاز القضاء عليه لتمرده، ولكن بعد التثبت المسوغ للحكم كما في الغائب على خلاف فيه معروف باب ملازمة الغريم إذا ثبت عليه الحق وإعداء الذمي على المسلم عن هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بغريم لي فقال لي ألزمه، ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك ؟ رواه أبو داود وابن ماجة وقال فيه: ثم مر بي آخر النهار فقال: ما فعل أسيرك يا أخا بني تميم؟. وقال في مسنده عن أبيه عن جده وعن ابن أبي حدرد الأسلمي أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد إن لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليها، فقال: أعطه حقه، قال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قال: أعطه حقه، قال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قد أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن تغنمنا شيئا فأرجع فأقضيه، قال: أعطه حقه، قال: وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا قال ثلاثا لم يراجع، فخرج به ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه عصابة وهو متزر ببردة فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها ونزع البردة ثم قال: اشتر مني هذه البردة فباعها منه بأربعة دراهم، فمرت عجوز فقالت: ما لك يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فأخبرها فقالت: ها دونك هذا البرد عليها طرحته عليه رواه أحمد. وفيه أن الحاكم يكرر على الناكل وغيره ثلاثا. ومثله ما روى أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سلم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها
(١٨٢)