ذلك قال الحافظ: وهذا ليس ثابتا. لأن ثابتا قال فيه النسائي ليس بثقة ونقل النووي الاجماع على حل أكل الجراد. وفصل ابن العربي في شرح الترمذي بين جراد الحجاز وجراد الأندلس فقال في جراد الأندلس: لا يؤكل لأنه ضرر محض، وهذا إن تثبت أنه يضر أكله بأن يكون فيه سمية تخصه دون غيره من جراد البلاد تعين استثناؤه، وذهب الجمهور إلى حل أكل الجراد ولو مات بغير سبب، وعند المالكية اشتراط التذكية وهي هنا أن يكون موته بسبب آدمي، إما بأن يقطع رأسه أو بعضه، أو يسلق أو يلقى في النار حيا، فإن مات حتف أنفه أو في وعاء لم يحل. واحتج الجمهور بحديث ابن عمر المذكور في الباب. ولفظ الجراد جنس يقع على الذكر والأنثى، ويميز واحدة بالتاء، وسمي جرادا لأنه يجرد ما ينزل عليه، أو لأنه أجرد أي أملس وهو من صيد البر، وإن كان أصله بحريا عند الأكثر، وقيل: إنه بحري بدليل حديث أبي هريرة أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حج أو عمرة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا نضربهن بنعالنا وأسواطنا، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: كلوه، فإنه من صيد البحر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة بإسناد ضعيف. وأخرج نحوه أبو داود والترمذي من طريق أخرى عن أبي هريرة وفي إسناده أبو المهزم بضم الميم وكسر الزاي وفتح الهاء وهو ضعيف. وأخرج ابن ماجة من حديث أنس مرفوعا: أن الجراد نثره حوت من البحر أي عطسته. قوله: الخبط بالتحريك هو ما يسقط من الورق عند خبط الشجر. قوله: فأكله بهذا تم الدلالة وإلا فمجرد أكل الصحابة منه وهم في حال المجاعة، قد يقال إنه للاضطرار، ولا سيما وقد ثبت عن أبي عبيدة في رواية عند مسلم بلفظ: وقد اضطررتم فكلوا. قال في الفتح:
وحاصل قول أبي عبيدة أنه بني أولا على عموم تحريم الميتة، ثم ذكر تخصيص ا لمضطر بإباحة أكلها إذا كان غير باغ ولا عاد، وهم بهذه الصفة لأنهم في سبيل الله وفي طاعة رسول الله، وقد تبين من آخر الحديث أن حمله كونها حلالا ليس لسبب الاضطرار بل لكونها من صيد البحر لاكله صلى الله عليه وآله وسلم منها لأنه لم يكن مضطرا وقد ذهب الجمهور إلى إباحة ميتة البحر سواء ماتت بنفسها أو ماتت بالاصطياد. وعن الحنفية والهادي والقاسم والامام يحيى والمؤيد بالله في أحد قوليه إنه لا يحل إلا ما مات بسبب آدمي أو بإلقاء الماء له أو جزره عنه، وأما ما ما ت أو قتله حيوان غير آدمي فلا يحل، واستدلوا بحديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا بلفظ: ما ألقاه البحر أو جزر عنه فكلوه،