أكل ما يشاركه كلب آخر في اصطياده، ومحله ما إذا استرسل بنفسه أو أرسله من ليس من أهل الذكاة، فإن تحقق أنه أرسله من هو من أهل الذكاة حل ثم ينظر، فإن كان إرسالهما معا فهو لهما وإلا فللأول، ويؤخذ ذلك من التعليل في قوله: فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره فإنه يفهم منه أن المرسل لو سمى على الكلب لحل ووقع في رواية بيان عن الشعبي: وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل فيؤخذ منه أنه لو وجده حيا وفيه حياة مستقرة فذكاه حل، لأن الاعتماد في الإباحة على التذكية لا على إمساك الكلب، ويؤيده ما في حديث الباب: وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل. قوله: بالمعراض بكسر الميم وسكون المهملة وآخره معجمة. قال الخليل وتبعه جماعة: هو سهم لا ريش له ولا نصل. وقال ابن دريد وتبعه ابن سيده: هو سهم طويل له أربع قذذ رقاق فإذا رمي به اعترض. وقال الخطابي: المعراض نصل عريض له ثقل ورزانة، وقيل: عود رقيق الطرفين غليظ الوسط، وقيل: خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها وقد لا يحدد، وقوى هذا الأخير النووي تبعا لعياض. وقال القرطبي: إنه المشهور، وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يرمي بها الصائد فما أصاب بحده فهو ذكي فيؤكل، وما أصاب بغير حده فهو وقيذ. قوله: فخزق بفتح الخاء المعجمة والزاي بعدها قاف أي نفذ، يقال: سهم خازق أي نافذ، ويقال بالسين المهملة بدل الزاي، وقيل: الخزق بالزاي وقد تبدل سينا الخدش. قال في الفتح:
وحاصله أن السهم وما في معناه إذا أصاب الصيد حل وكانت تلك ذكاته، وإذا أصاب بعرضه لم يحل لأنه في معنى الخشبة الثقيلة أو الحجر ونحو ذلك من المثقل. قوله : بعرضه بفتح العين المهملة أي بغير طرفه المحدد، وهو حجة للجمهور في التفصيل المذكور.
وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام يحل مطلقا، وسيأتي لهذا زيادة بسط إن شاء الله. قوله: ولم يأكل منه فيه دليل على تحريم ما أكل منه الكلب من الصيد ولو كان الكلب معلما، وقد علل في الحديث بالخوف من أنه إنما أمسك على نفسه، وهذا قول الجمهور، وقال مالك: وهو قول الشافعي في القديم، ونقل عن بعض الصحابة أنه يحل. واحتجوا بما ورد في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابيا يقال له أبو ثعلبة قال: يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة فأفتني في صيدها، فقال: كل مما أمسك عليك وإن أكل منه أخرجه أبو داود. قال الحافظ: ولا بأس بإسناده،