بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة. من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن رواه أحمد والترمذي.
قال الترمذي بعد إخراج هذا الحديث: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انتهى. وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه. قوله: أوصيكم بأصحابي قد وقد الاختلاف فيمن يستحق إطلاق اسم الصحابي عليه وهو مبسوط في مواطنه من علم الاصطلاح. قوله: الجابية بالجيم قال في القاموس: هو حوض ضخم والجماعة وقرية بدمشق وباب الجابية من أبوابها انتهى. والمراد هنا القرية. قوله: ثم يفشو الكذب رتب صلى الله عليه وآله وسلم فشو الكذب على انقراض الثالث. فالقرن الذي بعده ثم من بعده إلى القيامة، قد فشا فيهم الكذب بهذا النص. فعلى المتيقظ من حاكم أو عالم أن يبالغ في تعرف أحوال الشهادة والمخبرين، وأن لا يجعل الأصل في ذلك الصدق، لأن كل شهادة وكل خبر قد دخله الاحتمال، ومع دخول الاحتمال يمتنع القبول إلا بعد معرفة صدق المخبر والشاهد بأي دليل. وأقل الأحوال أنه ليس ممن يتجارأ على الكذب ويجازف في أقواله. ومن هذه الحيثية لم يقبل المجهول عند علماء المنقول لأن العدالة ملكة، والملكات مسبوقة بالعدم، فمن لا تعرف عدالته لا تقبل روايته، لأن الفسق مانع فلا بد من تحقق عدمه. وكذلك الكذب مانع فلا بد من تحقق عدمه كما تقرر في الأصول. وفي الحديث التوصية بخير القرون وهم الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.
وقد وعدنا أن نذكر ههنا طرفا من الكلام على ما ورد من معارضة الأحاديث القاضية بأفضلية الصحابة فنقول: قد تقدم في باب من أعلم صاحب الحق بشهادة له عنده، وذم من أدى شهادة من غير مسألة حديث عمران بن حصين وحديث أبي هريرة: أن خير القرون قرنه صلى الله عليه وآله وسلم وفي ذلك دليل على أنهم الخيار من هذه الأمة وأنه لا أكثر خيرا منهم. وقد ذهب الجمهور إلى أن ذلك باعتبار كل فرد فرد. وقال ابن عبد البر: إن التفضيل إنما هو بالنسبة إلى مجموع الصحابة فإنهم أفضل ممن بعدهم لا كل فرد منهم. وقد أخرج الترمذي بإسناد