بالثاني. قال الشاعر: عمرك الله كيف يلتقيان. أي سألت الله أن يطيل عمرك. وقال أبو القاسم الزجاجي: العمة الحياة فمن قال: لعمر الله فكأنه قال: أحلف ببقاء الله، واللام للتوكيد والخبر محذوف أي ما أقسم به. ومن ثم قالت المالكية والحنفية:
تنعقد بها اليمين لأن بقاء الله تعالى من صفة ذاته. وعن الامام مالك لا يعجبني الحالف بذلك. وقد أخرج إسحاق بن راهويه في مصنفه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: كانت يمين عثمان بن أبي العاص لعمري. وقال الإمام الشافعي وإسحاق: لا يكون يمينا إلا بالنية لأنه يطلق على العلم وعلى الحق، وقد يراد بالعلم المعلوم، وبالحق ما أوجبه الله تعالى. وعن أحمد كالمذهبين والراجح عنه كالشافعي.
وأجابوا عن الآية التي فيها القسم بالعمر بأن الله تعالى يقسم بما شاء من خلقه، وليس ذلك لغيره لثبوت النهي عن الحلف بغير الله تعالى، وقد عد الأئمة ذلك في فضائل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأن الله تعالى أقسم به حيث قال: * (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) * (الحجر: 72) وأيضا فإن اللام ليست من أدوات القسم لأنها محصورة في الواو والباء والتاء، وقد ثبت عند البخاري في كتاب الرقاق من حديث لقيط بن عمر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لعمر الأهل وكررها، وهو عند عبد الله بن أحمد وعند غيره. قوله: أقسمت عليك قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال أقسمت بالله أو أقسمت مجردا فقال قوم: هي يمين وإن لم يقصد. وممن روى عنه ذلك ابن عمر وابن عباس، وبه قال النخعي والثوري والكوفيون. وقال الأكثرون: لا يكون يمينا إلا إن نوى. وقال الامام مالك: أقسمت بالله يمين، وأقسمت مجردة لا تكون يمينا إلا إن نوى. وقال الشافعي: المجردة لا تكون يمينا أصلا ولو نوى وأقسمت بالله إن نوى يكون يمينا. وكذا لو قال: أقسم بالله. وقال سحنون: لا يكون يمينا أصلا. وعن الإمام أحمد كالأول، وعنه كالثاني، وعنه: إن قال قسما بالله فيمين جزما لأن التقدير أقسمت بالله قسما، وكذا لو قال: آليت بالله. قال ابن المنير لو قال: أقسم بالله عليك لتفعلن فقال نعم هل يلزمه اليمين بقوله نعم وتجب الكفارة إن لم يفعل؟ قال: وفي ذلك نظر. قوله:
ليس منا من حلف بالأمانة قال في النهاية يشبه أن تكون الكراهة فيه لأجل أنه أمر أن يحلف بأسماء الله وصفاته، والأمانة أمر من أموره فنهوا عنها من أجل التسوية بينها وبين أسماء الله، كما نهوا أن يحلفوا بآبائهم. قال: وإذا قال الحالف: وأمانة