هنا عند الاكل، وبذلك جزم النووي. قال ابن التين: وأما التسمية على ذبح تولاه غيرهم فلا تكليف عليهم فيه. وإنما يحمل على غير الصحة إذا تبين خلافها. ويحتمل أن يريد أن تسميتكم الآن تستبيحون بها كل ما لم تعلموا اذكروا اسم الله عليه أم لا إذا كان الذابح ممن تصح ذبيحته إذا سمى، ويستفاد منه أن كل ما يوجد في أسواق المسلمين محمول على الصحة، وكذا ما ذبحه أعراب المسلمين، لأن الغالب أنهم عرفوا التسمية، وبهذا الأخير جزم ابن عبد البر فقال: إن ما ذبحه المسلم يؤكل، ويحمل على أنه سمى لأن المسلم لا يظن به في كل شئ إلا الخير حتى يتبين خلاف ذلك، وعكس هذا الخطابي فقال فيه دليل على أن التسمية غير شرط على الذبيحة، لأنها لو كانت شرطا لم تستبح الذبيحة بالامر المشكوك فيه، كما لو عرض الشك في نفس الذبيحة، فلم يعلم هل وقت الذكاة المعتبرة أم لا؟ وهذا هو المتبادر من سياق الحديث حيث وقع الجواب فيه: سموا أنتم، كأنه قيل لهم: لا تهتموا بذلك بل الذي يهمكم أنتم أن تذكروا اسم الله وتأكلوا، وهذا من الأسلوب الحكيم، كما نبه عليه الطيبي ومما يدل على عدم الاشتراط قوله تعالى: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * (المائدة: 5) فأباح الاكل من ذبائحهم مع وجود الشك في أنهم سموا أم لا. قوله: وكانوا حديثي عهد بالكفر في رواية لمالك: وذلك في أوائل الاسلام، وقد تعلق بهذه الزيادة قوم فزعموا أن هذا الجواب كان قبل نزول قوله تعالى: * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) * (الانعام: 121) قال ابن عبد البر: وهو تعلق ضعيف. وفي الحديث نفسه ما يرده لأنه أمرهم فيه بالتسمية عند الاكل، فدل على أن الآية كانت نزلت بالامر بالتسمية، وأيضا فقد اتفقوا على أن الانعام مكية، وأن هذه القصة جرت بالمدينة، وأن الاعراب المشار إليهم في الحديث هم بادية أهل المدينة. قوله: جارية في رواية أمة، وفي رواية : امرأة، ولا تنافي بين الروايات، لأن الرواية الأخيرة أعم، فيؤخذ بقول من زاد في روايته صفة وهي كونها أمة. قوله: فأمره بأكلها فيه دليل على أنها تحل ذبيحة المرأة وإليه ذهب الجمهور. وقد نقل محمد بن عبد الحكم عن مالك كراهته. وفي المدونة جوازه وفي وجه للشافعية: يكره ذبح المرأة الأضحية وعند سعيد بن منصور بسند صحيح عن إبراهيم النخعي أنه قال في ذبيحة المرأة والصبي: لا بأس إذا أطاق الذبيحة وحفظ التسمية. وفيه جواز ما ذبح بغير إذن مالكه، وإليه ذهب الجمهور
(١٧)