مكارم الأخلاق ومحاسن الدين، وليست واجبة عند عامة العلماء، خلافا لليث بن سعد فإنه أوجبها ليلة واحدة، وحجة الجمهور لفظ جائزته المذكورة، فإن الجائزة هي العطية والصلة التي أصلها على الندب، وقلما يستعمل هذا اللفظ في الواجب.
قال العلماء: معنى الحديث الاهتمام بالضيف في اليوم والليلة وإتحافه بما يمكن من بر وإلطاف انتهى. والحق وجوب الضيافة لأمور، الأول: إباحة العقوبة بأخذ المال لمن ترك ذلك وهذا لا يكون في غير واجب. والثاني: التأكيد البالغ بجعل ذلك فرع الايمان بالله واليوم الآخر، ويفيد أن فعل خلافه فعل من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ومعلوم أن فروع الايمان مأمور بها، ثم تعليق ذلك بالاكرام، وهو أخص من الضيافة فهو دال على لزومها بالأولى. والثالث قوله: فما كان وراء ذلك فهو صدقة فإنه صريح أن ما قبل ذلك غير صدقة بل واجب شرعا قال الخطابي: يريد أنه يتكلف له في اليوم الأول ما اتسع له من بر وإلطاف، ويقدم له في اليوم الثاني ما كان بحضرته ولا يزيد على عادته، فما جاوز الثلاث فهو معروف وصدقة إن شاء فعل وإن شاء ترك. وقال ابن الأثير: الجائزة العطية أي يقري ضيفه ثلاثة أيام ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة. والرابع: قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ليلة الضيف حق واجب فهذا تصريح بالوجوب لم يأت ما يدل على تأويله. والخامس: قوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المقدام الذي ذكرنا: فإن نصره حق على كل مسلم فإن ظاهر هذا وجوب النصرة، وذلك فرع وجوب الضيافة، إذا تقرر هذا تقرر ضعف ما ذهب إليه الجمهور، وكانت أحاديث الضيافة مخصصة لأحاديث حرمة الأموال إلا بطيبة الأنفس. ولحديث: ليس في المال حق سوى الزكاة ومن التعسفات حمل أحاديث الضيافة على سد الرمق، فإن هذا مما لم يقم عليه دليل ولا دعت إليه حاجة ، وكذلك تخصيص الوجوب بأهل الوبر دون أهل المدن استدلالا بما يروى أن الضيافة على أهل الوبر. قال النووي وغيره من الحفاظ: إنه حديث موضوع لا أصل له. قوله: وأن يثوي بفتح أوله وسكون المثلثة أي يقيم. قوله: حتى يحرجه بضم أوله وسكون الحاء المهملة أي يوقعه في الحرج وهو الاثم لأنه قد يكدره فيقول:
هذا الضيف ثقيل، أو قد ثقل علينا بطول إقامته، أو يتعرض له بما يؤذيه أو يظن به ما لا يجوز قال النووي: وهذا كله محمول على ما إذا أقام بعد الثلاثة بغير استدعائه،