وأبو سعيد الخدري وبلال بن الحرث ومسلمة بن قيس وعامر بن ربيعة وسهل بن سعد وتميم الداري وأم سلمة وأنس، هؤلاء أحد وعشرون رجلا من الصحابة وهو المشار إليهم بقول ابن الجوزي: فزاد عددهم على عشرين. وقد استدل بأحاديث الباب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم فقالوا: يجوز الحكم بشاهد ويمين المدعي، وقد حكى ذلك صاحب البحر عن أمير المؤمنين علي وأبي بكر وعمر وعثمان وأبي وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وشريح والشعبي وربيعة وفقهاء المدينة والناصر والهادوية ومالك والشافعي.
وحكي أيضا عن زيد بن علي والزهري والنخعي وابن شبرمة والامام يحيى وأبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز الحكم بشاهد ويمين. وقد حكى البخاري وقوع المراجعة في ذلك ما بين أبي الزناد وابن شبرمة فاحتج أبو الزناد على جواز القضاء بشاهد ويمين بالخبر الوارد في ذلك، فأجاب عليه ابن شبرمة بقوله تعالى: * (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) * (البقرة: 282) قال الحافظ: وإنما تتم له الحجة بذلك على أصل مختلف فيه بين الفريقين يعني الكوفيين والحجازيين، وهو أن الخبر إذا ورد متضمنا لزيادة على ما في القرآن هل يكون نسخا والسنة لا تنسخ القرآن؟ أو لا يكون نسخا بل زيادة مستقلة بحكم مستقل إذا ثبت سنده وجب القول به، والأول مذهب الكوفيين، والثاني مذهب الحجازيين. ومع قطع النظر عن ذلك لا تنهض حجة ابن شبرمة لأنها تصير معارضة للنص بالرأي وهو غير معتد به، وقد أجاب عنه الإسماعيلي فقال: الحاجة إلى إذكار إحداهما الأخرى إنما هو فيما إذا شهدتا، فإن لم تشهدا قامت مقامهما يمين الطالب ببيان السنة الثابتة، واليمين ممن هي عليه لو انفردت لحلت محل البينة في الأداء والابراء، فلذلك حلت اليمين هنا محل المرأتين في الاستحقاق بها مضافة إلى الشاهد الواحد، قال: ولو لزم إسقاط القول بالشاهد واليمين لأنه ليس في القرآن للزم إسقاط الشاهد والمرأتين لأنهما ليستا في السنة لأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: شاهداك أو يمينه وحاصله أنه لا يلزم من التنصيص على الشئ نفيه عما عداه، لكن مقتضى ما بحثه أنه لا يقضي باليمين مع الشاهد الواحد إلا عند فقد الشاهدين أو ما قام مقامهما من الشاهد والمرأتين، وهو وجه للشافعية وصححه الحنابلة، ويؤيده ما روى الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: قضى الله ورسوله في الحق بشاهدين، فإن جاء بشاهدين أخذ حقه، وإن جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده