بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة فذكره ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن سليمان فصدوق لكنه يخطئ، وقد ضعفه النسائي، وقال أبو حاتم: لا بأس به وليس بحجة.
وحديث علي عليه السلام سيأتي الكلام عليه آخر البحث. قوله: من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها حرمها بضم المهملة وكسر الراء الخفيفة من الحرمان، والمراد بقوله لم يتب منها أي من شربها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. قال الخطابي والبغوي في شرح السنة: معنى الحديث لا يدخل الجنة لأن الخمر شراب أهل الجنة فإذا حرم شربها دل على أنه لا يدخل الجنة. وقال ابن عبد البر: هذا وعيد شديد يدل على حرمان دخول الجنة لأن الله تعالى أخبر أن في الجنة أنهارا من خمر لذة للشاربين وأنهم لا يصدعون عنها ولا ينزفون، فلو دخلها وقد علم أن فيها خمرا أو أنه حرمها عقوبة له لزم وقوع الهم والحزن والجنة لا هم فيها ولا حزن، وإن لم يعلم بوجودها في الجنة ولا أنه حرمها عقوبة له لم يكن عليه في فقدها ألم، فلهذا قال بعض من تقدم: أنه لا يدخل الجنة أصلا. قال: وهو مذهب غير مرضي. قال: ويحمل الحديث عند أهل السنة على أنه لا يدخلها ولا يشرب الخمرة فيها إلا إن عفا الله عنه كما في بقية الكبائر وهو في المشيئة، فعلى هذا معنى الحديث جزاؤه في الآخرة أن يحرمها لحرمانه دخول الجنة إلا إن عفا الله عنه. قال: وجائز أن يدخل الجنة بالعفو ثم لا يشرب فيها خمرا ولا تشتهيها نفسه وإن علم بوجودها فيها. ويؤيده حديث أبي سعيد مرفوعا من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة، وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه، وقد أخرجه الطبراني وصححه ابن حبان، وقريب منه حديث عبد الله بن عمرو رفعه:
من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة أخرجه أحمد بسند حسن، وقد زاد عياض على ما ذكره ابن عبد البر احتمالا وهو أن المراد بحرمانه شربها أنه يحبس عن الجنة مدة إذا أراد الله عقوبته، ومثله الحديث الآخر لم يرح رائحة الجنة، قال: ومن قال لا يشربها في الجنة بأن ينساها أو لا يشتهيها يقول: ليس عليه في ذلك حسرة، ولا يكون ترك شهوته إياها عقوبة في حقه بل هو نقص، نعم بالنسبة إلى من هو أتم نعيما منه كما تختلف درجاتهم، ولا يحلق من هو أنقص درجة بمن هو أعلى درجة منه استغناء بما أعطى واغتباطا به. وقال ابن العربي: