باب ما يذكر فيمن قال هو يهودي أو نصراني إن فعل كذا عن ثابت بن الضحاك: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا فهو كما قال رواه الجماعة إلا أبا داود.
وعن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قال إني برئ من الاسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال، وإن كان صادقا لم يعد إلى الاسلام سالما رواه أحمد والنسائي وابن ماجة.
حديث بريدة هو من طريق الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه وقد صححه النسائي. قوله: بملة غير الاسلام الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة وهي نكرة في سياق الشرط، فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ونحوهم من المجوسية والصابئة وأهل الأوثان والدهرية والمعطلة وعبدة الشياطين والملائكة وغيرهم. قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: أكفر بالله ونحوه إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار: لا كفارة عليه، ولا يكون كافرا إلا إن أضمر ذلك بقلبه. وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين وعليه الكفارة. قال ابن المنذر: والأول أصح لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم يذكر كفارة.
زاد غيره: وكذا قال من حلف بملة سوى الاسلام فهو كما قال، فأراد التغليظ في ذلك حتى لا يجترئ أحد عليه. ونقل ابن القصار من المالكية عن الحنفية أنهم احتجوا لايجاب الكفارة بأن في اليمين الامتناع من الفعل، وتضمن كلامه بما ذكر تعظيما للاسلام، وتعقب ذلك بأنهم قالوا فيمن قال وحق الاسلام إذا حنث لا يجب عليه كفارة، فأسقطوا الكفارة إذا صرح بتعظيم الاسلام وأثبتوها إذا لم يصرح. قال ابن دقيق العيد:
الحلف بالشئ حقيقة هو القسم به وإدخال بعض حروف القسم عليه كقوله: والله، وقد يطلق على التعليق بالشئ يمين كقولهم من حلف بالطلاق فالمراد تعليق الطلاق، وأطلق عليه الحلف لمشابهته لليمين في اقتضاء الحنث أو المنع، وإذا تقرر ذلك فيحتمل أن يكون المراد المعنى الثاني لقوله كاذبا، والكذب يدخل القضية الإخبارية