وتجمعوهما مع الميتة. قال الأزهري: قد أنكر هذا على أبي عبيد وفسر أنه أراد إذا لم تجدوا البينة تصطبحونها أو شربا تغتبقونه ولم تجدوا بعد عدم الصبوح والغبوق بقلة تأكلونها حلت لكم الميتة، قال: وهذا هو الصحيح. قال الخطابي: القدح من اللبن بالغداة، والقدح بالعشي يمسك الرمق ويقيم النفس، وإن كان لا يغدو البدن ولا يشبع الشبع التام، وقد أباح لهم مع ذلك الميتة، فكان دلالته أن تتناول الميتة إلى أن تأخذ النفس حاجتها من القوت، كما ذهب إليه مالك والشافعي في أحد قوليه، والقول الراجح عند الشافعي هو الاقتصار على سد الرمق كما نقله المزني وصححه الرافعي والنووي، وهو قول أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن مالك والهادوية. ويدل عليه قوله: هل عندك غنى يغنيك إذا كان يقال لمن وجد سد رمقه مستغنيا لغة أو شرعا. واستدل به بعضهم على القول الأول قال: لأنه سأله عن الغنى ولم يسأله عن خوفه على نفسه، والآية الكريمة قد دلت على تحريم الميتة واستثنى ما وقع الاضطرار إليه، فإذا اندفعت الضرورة لم يحل الاكل كحالة الابتداء، ولا شك أن سد الرمق يدفع الضرورة، وقيل إنه يجوز أكل المعتاد للمضطر في أيام عدم الاضطرار. قال الحافظ: وهو الراجح لاطلاق الآية، واختلفوا في الحالة التي يصح فيها الوصف بالاضطرار ويباح عندها الاكل. فذهب الجمهور إلى أنها الحالة التي يصل به الجوع فيها إلى حد الهلاك أو إلى مرض يفضي إليه. وعن بعض المالكية تحديد ذلك بثلاثة أيام. قال ابن أبي جمرة: الحكمة في ذلك أن في الميتة سمية شديدة فلو أكلها ابتداء لأهلكته، فشرع له أن يجوع ليصير في بدنه بالجوع سمية هي أشد من سمية الميتة. قوله: كانوا بالحرة بفتح الحاء والراء المشددة مهملتين أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود. قوله: فنفقت بفتح النون والفاء والقاف أي ماتت، يقال: نفقت الدابة نفوقا مثل قعدت المرأة قعودا إذا ماتت. قوله: حتى نقدر بفتح النون وسكون القاف وضم الدال بعده راء مهملة، هكذا في النسخ الصحيحة، يقال: قدر اللحم يقدره طبخه في القدر. وفي سنن أبي داود: نقدد اللحم بدال مهملة مكان الراء، وعلى ذلك شرح ابن رسلان فإنه قال: أي نجعله قديدا قوله: غنى يغنيك أي تستغني به ويكفيك ويكفي أهلك وولدك عنها. قوله: استحييت منك بياءين مثناتين من تحت. ولغة تميم وبكر بن وائل: استحيت بفتح الحاء وحذف إحدى الياءين. وقد دلت أحاديث الباب على أنه يجوز للمضطر أن يتناول من الميتة
(٣١)