وسلم إذا لم يكن في شغل من أهله ولا انفراد بشئ من أمره رفع حجابه بينه وبين الناس ويبرز لطالب الحاجة، وبمثله قال الكرماني. وقد ثبت في قصة عمر في منازعة أمير المؤمنين علي والعباس في فد ك أنه كان له حاجب يقال له يرفأ. قال ابن التين متعقبا لما نقله عن الداودي في كلامه المتقدم: إن كان مراده البطائق التي فيها الاخبار بما جرى فصحيح يعني أنه حادث، وإن كان مراده البطائق التي يكتب فيها للسبق ليبدأ بالنظر في خصومة مسبق فهو من العدل في الحكم اه. قلت: ومن العدل والتثبت في الحكم أن لا يدخل الحاكم جميع من كان ببابه من المتخاصمين إلى مجلس حكمه دفعة واحدة إذا كانوا جمعا كثيرا، ولا سيما إذا كانوا مثل أهل هذه الديار اليمنية، فإنهم إذا وصلوا إلى مجلس القاضي صرخوا جميعا فيتشوش فهمه ويتغير ذهنه فيقل تدبره وتثبته، بل يجعل ببابه من يرقم الواصلين من الخصوم الأول فالأول، ثم يدعوهم إلى مجلس حكمه كل خصمين على حدة، فالتخصيص لعموم المنع بمثل ما ذكرناه معلوم من كليات الشريعة وجزئياتها مثل حديث نهي الحاكم عن القضاء حال الغضب، والتأذي بأمر من الأمور كما سيأتي، وكذلك أمره بالتثبت والاستماع لحجة كل واحد من الخصمين، وكذلك أمره باجتهاد الرأي في الخصومة التي تعرض. قال بعض أهل العلم: وظيفة البواب أو الحاجب أن يطالع الحاكم بحال من حضر ولا سيما من الأعيان لاحتمال أن يجئ مخاصما، والحاكم يظن أنه جاء زائرا فيعطيه حقه من الاكرام الذي لا يجوز لمن يجئ مخاصما انتهى. ولا شك في أنه يكره دوام الاحتجاب إن لم يكن محرما لما في حديث الباب. قال في الفتح: واتفق العلماء على أنه يستحب تقديم الأسبق فالأسبق والمسافر على المقيم، ولا سيما إن خشي فوات الرفقة، وأن من اتخذ بوابا أو حاجبا أن يتخذه أمينا ثقة عفيفا عارفا حسن الأخلاق عارفا بمقادير الناس انتهى.
باب ما يلزم اعتماده في أمانة الوكلاء والأعوان عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع. وفي لفظ: من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضب من الله رواهما أبو داود. وعن أنس قال: إن قيس بن سعد