كان به داء، قد اعترف الأطباء بأنه لا دواء له وأقروا بالعجز عنه. قوله: رقى نسترقيها الخ، سيأتي الكلام على الرقية. قوله: وتقاة نتقيها أي ما نتقي به ما يرد علينا من الأمور التي لا نريد وقوعها بنا. قوله: قال هي من قدر الله أي لا مخالفة بينهما لأن الله هو الذي خلق تلك الأسباب وجعل لها خاصية في الشفاء. قوله:
لا يسترقون الخ، سيأتي الكلام على الرقية والكي. وأما التطير فهو من الطيرة بكسر الطاء المهملة وفتح المثناة التحتية وقد تسكن وهي التشاؤم بالشئ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه. (والأحاديث) في الطيرة متعارضة وقد وضعت فيها رسالة مستقلة. وقد استدل بهذا الحديث والذي بعده على أنه يكره التداوي.
وأجيب عن ذلك بأجوبة. قال النووي لا مخالفة بل المدح في ترك الرقي المراد بها الرقي التي هي من كلام الكفار، والرقى المجهولة والتي بغير العربية وما لا يعرف معناه، فهذه مذمومة لاحتمال أن معناه كفر أو قريب منه أو مكروه، وأما الرقي بآيات القرآن وبالأذكار المعروفة فلا نهي فيه بل هو سنة، ومنهم من قال في الجمع بين الحديثين أن الواردة في ترك الرقي للأفضلية وبيان التوكل وفي فعل الرقي لبيان الجواز مع أن تركها أفضل، وبهذا قال ابن عبد البر وحكاه عمن حكاه والمختار الأول. وقد نقلوا الاجماع على جواز الرقي بالآيات وأذكار الله تبارك وتعالى. قال المازري: جميع الرقي جائزة إذا كانت بكتاب الله أو بذكره، ومنهي عنها إذا كانت باللغة العجمية أو بما لا يدرى معناه لجواز أن يكون فيه كفر. وقال الطبري والمازري وطائفة: أنه محمول على من يعتقد أن الأدوية تنفع بطبعها كما كان أهل الجاهلية يعتقدون. قال عياض: الحديث يدل على أن للسبعين ألفا مزية على غيرهم، وفضيلة انفردوا بها عمن يشاركهم في أصل الفضل والديانة، ومن كان يعتقد أن الأدوية تؤثر بطبعها أو يستعمل رقى أهل الجاهلية ونحوها فليس مسلما فلم يسلم هذا الجواب. وأجاب الداودي وطائفة أن المراد بالحديث الذين يجتنبون فعل ذلك في الصحة خشية وقوع الداء وأما من يستعمل الدواء بعد وقوع الداء. فلا. وأجاب الحليمي بأنه يحتمل أن يكون المراد بهؤلاء المذكورين في الحديث من غفل عن أحوال الدنيا وما فيها من الأسباب المعدة لدفع العوارض، فهم لا يعرفون الاكتواء ولا الاسترقاء، وليس لهم ملجأ فيما يعتريهم إلا الدعاء والاعتصام بالله والرضا بقضائه، فهم