ما يكفيه على الخلاف السابق في مقدار ما يتناوله، ولا أعلم خلافا في الجواز وهو نص القرآن الكريم، وهل يجب على المضطر أن يتناول من الميتة حفظا لنفسه؟ قال في البحر: في ذلك وجهان. يجب لوجوب دفع الضرر، ولا إيثارا للورع، واختلفوا في المراد بقوله تعالى: * (غير باغ) * فقيل: أي غير متلذذ ولا مجاوز لدفع الضرر، وقيل: أي غير عاص، فمنعوا العاصي من أكل الميتة. وحكى الحافظ في الفتح عن الجمهور أنهم جعلوا من البغي العصيان، قالوا: وطريقه أن يتوب ثم يأكل، وجوزه بعضهم مطلقا، ولعله يعني بالبعض القائل بالتفسير الأول.
باب النهي أن يؤكل طعام الانسان بغير إذنه عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فينتثل طعامه؟ وإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه متفق عليه. وعن عمرو بن يثربي قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمنى وكان فيما خطب به أن قال: ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه، قال: فلما سمعت ذلك قلت: يا رسول الله أرأيت لو لقيت في موضع غنم ابن عمي فأخذت منها شاة فاجتزرتها هل علي في ذلك شئ؟ قال: إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وأزنادا فلا تمسها. وعن عمير مولى أبي اللحم قال: أقبلت مع سادتي نريد الهجرة حتى إذا دنونا من المدينة قال: فدخلوا وخلفوني في ظهرهم فأصابتني مجاعة شديدة قال: فمر بي بعض من يخرج من المدينة فقالوا: لو دخلت المدينة فأصبت من تمر حوائطها، قال: فدخلت حائطا فقطعت منه قنوين، فأتاني صاحب الحائط وأتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره خبري وعلي ثوبان فقال لي: أيهما أفضل؟ فأشرت إلى أحدهما، فقال:
خذه وأعط صاحب الحائط الآخر فخلى سبيلي رواهما أحمد.
حديث عمرو بن اليثربي في إسناده حاتم بن إسماعيل، وفيه خلاف عن عبد الملك ابن حسين الجاري، فإن يكن هو الكوفي النخعي فضعيف بمرة، وإلا فليس