عنده في مجلس الحكم إلا إذا شهد به عنده. وقال ابن المنير: مذهب مالك أن من حكم بعلمه نقض على المشهور إلا إن كان علمه حادثا بعد الشروع في المحاكمة فقولان، وأما ما أقر به عنده في مجلس الحكم فيحكم ما لم ينكر الخصم بعد إقراره وقبل الحكم عليه، فإن ابن القاسم قال: لا يحكم عليه حينئذ ويكون شاهدا. وقال ابن الماجشون: يحكم بعلمه. قال البخاري: وقال بعض أهل العراق ما سمع أو رآه في مجلس القضاء قضى به، وما كان في غيره لم يقض إلا بشاهدين يحضرهما إقراره.
قال في الفتح: وهذا قول أبي حنيفة ومن تبعه، ووافقهم مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون من المالكية. قال ابن التين: وجرى به العمل، وروى عبد الرزاق نحوه عن شريح. قال البخاري: وقال آخرون منهم يعني أهل العراق بل يقضي به لأنه مؤتمن. قال في الفتح: وهو قول أبي يوسف ومن تبعه ووافقهم الشافعي فيما بلغني عنه أنه قال: إن كان القاضي عدلا لا يحكم بعلمه في حد ولا قصاص إلا ما أقر به بين يديه، ويحكم بعلمه في كل الحقوق مما علمه قبل أن يلي القضاء أو بعدما ولي فقيد ذلك بكون القاضي عدلا إشارة إلى أنه ربما ولي القضاء من ليس بعدل، قال البخاري: وقال بعضهم يعني أهل العراق يقضي بعلمه في الأموال ولا يقضي في غيرها. قال في الفتح: هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف فيما نقله الكرابيسي عنه وهي رواية لأحمد. قال أبو حنيفة: القياس أنه يحكم في ذلك بعلمه، ولكن أدع القياس واستحسن أن لا يقضى في ذلك بعلمه، وحكي مثل ذلك في الفتح عن بعض المالكية فقالوا: إنه يقضي بعلمه في كل شئ إلا في الحدود، قال: وهذا هو الراجح عند الشافعية.
وقال ابن العربي: لا يقضي بعلمه، والأصل فيه عندنا الاجماع على أنه لا يحكم بعلمه في الحدود، قال: ثم أحدث بعض الشافعية قولا إنه يجوز فيها أيضا حين رأوا أنها لازمة لهم. قال الحافظ: كذا قال، فجرى على عادته في التهويل والاقدام على نقل الاجماع مع شهرة الاختلاف. وقد حكي في البحر القول بأن الحاكم يحكم بعلمه عن العترة والشافعي وأبي حنيفة وأحمد، وحكي المنع عن شريح والشعبي والأوزاعي ومالك وإسحاق وأحد قولي الشافعي، والأقوال في المسألة فيها طول قد ذكر البخاري وشراح كتابه بعضا منها في باب الشهادة تكون عند الحاكم وبعضا في باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه. وذكر البخاري في البابين أحاديث يستدل بها على الجواز وعدمه وهي