الضرورة وفي الحمل نظر. وقد أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس وخالد بن الوليد وعبيدة السلماني ومحمد بن سيرين وعطاء بن يسار والزهري جواز ذلك مطلقا، وإذا ثبت كونه مكروها أو خلاف الأولى فالمستحب في صفة الجلوس للاكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه، أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى، واستثنى الغزالي من كراهة الآكل مضطجعا أكل البقل، واختلف في علة الكراهة، وأقوى ما ورد في ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا تكأة مخافة أن تعظم بطونهم، وإلى ذلك يشير بقية ما ورد من الاخبار. ووجه الكراهة فيه ظاهر، وكذلك ما أشار إليه ابن الأثير من جهة الطب.
وعن أنس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا طعم طعاما لعق أصابعه الثلاث وقال: إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت القصعة وقال: إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه. وعن المغيرة بن شعبة قال: ضفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات ليلة فأمر بجنب فشوي قال: فأخذ الشفرة فجعل يحتز لي بها منه رواه أحمد. وعن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى بعض حجر نسائه فدخل ثم أذن لي فدخلت فقال: هل من غداء؟ فقالوا نعم، فأتي بثلاثة أقرصة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرصا فوضعه بين يديه وأخذ قرصا آخر فوضعه بين يدي ثم أخذ الثالث فكسره باثنتين فجعل نصفه بين يديه ونصفه بين يدي ثم قال: هل من أدم؟ قالوا: لا إلا شئ من خل، قال: هاتوه فنعم الأدم هو رواه أحمد ومسلم.
حديث المغيرة بن شعبة أخرجه أيضا أبو داود والترمذي وابن ماجة، ولفظ أبي داود في باب ترك الوضوء مما مست النار عن المغيرة بن شعبة قال: ضفت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم ليلة فأمر بجنب فشوي فأخذ الشفرة فجعل يحز لي بها منه قال: فجاء بلال فآذنه بالصلاة قال فألقى السكين وقال: ما له تربت يداه وقام يصلي زاد الأنباري:
وكان بشاربي وفاء فقصه على سواك أو قال أقصه لك على سواك. قوله: لعق أصابعه فيه استحباب لعق الأصابع محافظة على بركة الطعام وتنظيفا، وسيأتي تمام الكلام على ذلك. وفيه استحباب الاكل بثلاث أصابع ولا يضم إليها الرابعة والخامسة إلا