في شرع غيرنا، فيمكن أن يكون الطلب في شرع يوسف عليه السلام سائغا. وأما سؤال سليمان فخارج عن محل النزاع إذ محله سؤال المخلوقين لا سؤال الخالق، وسليمان عليه السلام إنما سأل الخالق. قوله: إنكم ستحرصون بكسر الراء ويجوز فتحها ويدخل في لفظ الامارة، الامارة العظمى وهي الخلافة، والصغرى وهي الولاية على بعض البلاد، وهذا إخبار منه صلى الله عليه وآله وسلم بالشئ قبل وقوعه فوقع كما أخبر. قوله: وستكون ندامة يوم القيامة أي لمن لم يعمل فيها بما ينبغي، ويوضح ذلك ما أخرجه البزار والطبراني بسند صحيح عن عوف بن مالك بلفظ: أولها ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من عدل. وفي الأوسط للطبراني من رواية شريك عن عبد الله بن عيسى عن أبي صالح عن أبي هريرة قال شريك: لا أدري رفعه أم لا قال: الامارة أولها ندامة، وأوسطها غرامة، وآخرها عذاب يوم القيامة. وله شاهد من حديث شداد بن أوس رفعه بلفظ: أولها ملامة، وثانيها ندامة أخرجه الطبراني. وعند الطبراني من حديث زيد بن ثابت رفعه:
نعم الشئ الامارة لمن أخذها بحقها وحلها، وبئس الشئ الامارة لمن أخذها بغير حقها تكون عليه حسرة يوم القيامة قال الحافظ: وهذا يقيد ما أطلق في الذي قبله. ويقيد أيضا ما أخرجه مسلم عن أبي ذر: قلت: يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها قال النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية ولا سيما لمن كان فيه ضعف، وهو من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل، فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة.
وأما من كان أهلا وعدل فيها فأجره عظيم كما تظاهرت به الاخبار، ولكن الدخول فيها خطر عظيم ولذلك امتنع الأكابر منها انتهى. وسيأتي حديث أبي ذر هذا. قوله: فنعم المرضعة وبئست الفاطمة. قال الداودي: نعمت المرضعة أي الدنيا، وبئست الفاطمة أي بعد الموت لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه. وقال غيره: نعمت المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها. وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها من التبعات في الآخرة. قوله: ثم غلب عدله جوره أي كان عدله في حكمه أكثر من ظلمه كما يقال غلب على فلان الكرم أي هو