فيه، وإنما النزاع في الحكم الصادر منه عن شهادة زور أو يمين فاجرة، فلا يسمى خطأ للاتفاق على العمل بالشهادة وبالأيمان، وإلا لكان الكثير من الاحكام يسمى خطأ، وليس كذلك لما في حديث: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم فيحكم بإسلام من تلفظ بالشهادتين، ولو كان في نفس الامر يعتقد خلاف ذلك، ولما في حديث المتلاعنين حيث قال: لولا الايمان لكان لي ولها شأن فإنه لو كان خطأ لم يترك استدراكه والعمل بما عرفه. وكذلك حديث: إني لم أومر بالتنقيب عن قلوب الناس فالحجة من حديث الباب شاملة للأموال والعقود والفسوخ، وقد حكى الشافعي الاجماع على أن حكم الحاكم لا يحلل الحرام. قال النووي: والقول بأن حكم الحاكم يحلل ظاهرا وباطنا مخالف لهذا الحديث الصحيح وللاجماع المذكور، ولقاعدة أجمع عليها العلماء ووافقهم القائل المذكور وهي أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال، وفي المقام مقاولات ومطاولات، ومع وضوح الصواب لا فائدة في الاطناب.
وقد استدل المصنف رحمه الله تعالى بالحديث على أن الحاكم لا يحكم بعلمه، وسيأتي الكلام على ذلك في باب مستقل إن شاء الله تعالى، وفيه الرد على من حكم بما يقع في خاطره من غير استناد إلى أمر خارجي من بينة ونحوها، ووجه الرد عليه أنه صلى الله عليه وآله وسلم أعلى في ذلك من غيره مطلقا، ومع ذلك فقد دل حديثه هذا على أنه إنما يحكم بالظاهر في الأمور العامة، فلو كان المدعي صحيحا لكان الرسول أحق بذلك فإنه أعلم أنه تجري الاحكام على ظاهرها، مع أنه يمكن أن الله يطلعه على غيب كل قضية، وسبب ذلك أن تشريع الاحكام واقع على يده، فكأنه أراد تعليم غيره من الحكام أن يعتمدوا ذلك، نعم لو شهدت البينة مثلا بخلاف ما يعلمه مشاهدة أو سماعا أو ظنا راجحا لم يجز له أن يحكم بما قامت به البينة. قال الحافظ: ونقل بعضهم فيه الاتفاق وإن وقع الاختلاف فيه في القضاء بالعلم كما سيأتي.
باب ما يذكر في ترجمة الواحد في حديث زيد بن ثابت: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمره فتعلم كتاب اليهود وقال: حتى كتبت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم كتبه وأقرأته كتبهم إذا