داود في حديث الأشعث هذا بلفظ: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فيها ففي هذا تصريح بأن خصمه كان يهوديا، بخلاف ما تقدم في الغصب فإنه قال: إن رجلا من كندة ورجلا من حضرموت، والكندي هو امرؤ القيس بن عابس الصحابي الشاعر، والحضرمي هو ربيعة بن عبدان بكسر العين. وكذلك حديث وائل المذكور ههنا بأن الخصومة فيه بين الكندي والحضرمي وهما المذكوران في حديث الأشعث المتقدم، فلعل الرواية لقصة الكندي والحضرمي من طريق الأشعث ومن طريق وائل. وأما المخاصمة بين الأشعث وغريمه فقصة أخرى رواها الأشعث والله أعلم. قوله: في بئر في رواية أبي داود في أرض، ولا امتناع أن يكون المجموع صحيحا، فتارة ذكرت الأرض لأن البئر داخلة فيها، وتارة ذكرت البئر لأنها المقصودة. قوله: يقتطع بها مال امرئ مسلم التقييد بالمسلم ليس لاخراج غير المسلم، بل كأن تخصيص المسلمين بالذكر لكون الخطاب معهم، ويحتمل أن تكون العقوبة العظيمة مختصة بالمسلمين وإن كان أصل العقوبة لازما في حق الكفار. قوله: لقي الله وهو عليه غضبان هذا وعيد شديد لأن غضب الله سبب لانتقامه وانتقامه بالنار، فالغضب منه عز وجل يستلزم دخول المغضوب عليه النار، ولهذا وقع في رواية لمسلم: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار ولا بد من تقييد ذلك بعدم التوبة، وسيأتي بقية الكلام على هذا في باب التشديد في اليمين الكاذبة. قوله: ليس يتورع من شئ أصل الورع الكف عن الحرام، والمضارع بمعنى النكرة في سياق النفي فيعم ويكون التقدير ليس له ورع عن شئ. قوله: ليس لك منه إلا ذلك في هذا دليل على أنه لا يجب للغريم على غريمه اليمين المردودة، ولا يلزمه التكفيل، ولا يحل الحكم عليه بالملازمة ولا بالحبس، ولكنه قد ورد ما يخصص هذه الأمور من عموم هذا النفي وقد تقدم بعض ذلك، ولنذكر ههنا ما ورد في جواز الحبس لمن استحقه، فأخرج أبو داوود الترمذي والنسائي من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبس رجلا في تهمة قال الترمذي: حسن وزاد هو والنسائي: ثم خلى عنه. وقد تقدم الكلام على حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ولكنه قد روى هذا لحديث الحاكم وقال صحيح الاسناد، وله شاهد من حديث أبي هريرة ثم أخرجه، ولعله ما رواه
(٢١٧)