والكبائر المرادة في الآية مجتنبة، فالسيئات المكفرة غيرها، وليست إلا الصغائر لأنها المقابلة لها، وكذلك يؤيد ثبوت الصغائر حديث تكفير الذنوب الوارد في الصلاة والوضوء مقيدا باجتناب الكبائر، فثبت أن من الذنوب ما يكفر بالطاعات، ومنها ما لا يكفر وذلك عين المدعي. ولهذا قال الغزالي: إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بالفقيه. ثم إن مراتب الصغائر والكبائر تختلف بحسب تفاوت مفاسدها. قوله:
حتى يوجب الله له النار في هذا وعيد شديد لشاهد الزور حيث أوجب الله له النار قبل أن ينتقل من مكانه. ولعل ذلك مع عدم التوبة. أما لو تاب وأكذب نفسه قبل العمل بشهادته فالله يقبل التوبة عن عباده . باب تعارض البينتين والدعوتين عن أبي موسى: أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينهما نصفين رواه أبو داود. وعن أبي موسى: أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دابة ليس لواحد منهما بينة فجعلها بينهما نصفين رواه الخمسة إلا الترمذي. وعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف رواه البخاري. وفي رواية: أن رجلين تدارءا في دابة ليس لواحد منهما بينة فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يستهما على اليمين أحبا أو كرها رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة. وفي رواية: تدارءا في بيع. وفي رواية:
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها رواه أحمد وأبو داود.
حديث أبي موسى أخرجه أيضا الحاكم والبيهقي وذكر الاختلاف فيه على قتادة وقال: هو معلول، فقد رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة. ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في صحيحه، واختلف فيه على سعيد بن أبي عروبة فقيل عنه عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة