بين الحالف بعزة الله أي التي هي صفة لذاته، والحالف بعزة الله التي هي صفة لفعله بأنه يحنث في الأول دون الثاني. قال الحافظ: وإذا أطلق الحالف انصرف إلى صفة الذات وانعقدت اليمين. قوله: لا وعزتك لا أسألك غير هذا هذا طرف من الحديث الطويل في صفة الحشر، ومحل الحجة منه هذا اللفظ المذكور، فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر ذلك مقررا له فكان دليلا على جواز الحلف بذلك.
قوله: بلى وعزتك هو طرف من حديث طويل وأوله: أن أيوب كان يغتسل فخر عليه جراد من ذهب ووجه الدلالة منه أن أيوب عليه السلام لا يحلف إلا بالله، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك عنه وأقره. قوله: ولكن لا غنى لي عن بركتك بكسر الغين المعجمة والقصر كذا للأكثر. ووقع لأبي ذر عن غير الكشميهني بفتح أوله والمد والأول أولى، فإن معنى الغناء بالفتح والمد الكفاية، يقال: ما عند فلان غناء أي ما يغتنى به. قوله: تنددون أي تجعلون لله أندادا، وتشركون أتجعلون لله شركاء، وفيه النهي عن الحلف بالكعبة وعن قول الرجل ما شاء الله وشئت، ثم أمرهم أن يأتوا بما لا تنديد فيه ولا شرك فيقولون: ورب الكعبة، ويقولون: ما شاء الله ثم شئت. وحكى ابن التين عن أبي جعفر الداودي أنه قال: ليس في الحديث نهي عن القول المذكور وقد قال الله تعالى: * (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) * (التوبة: 74) وقال تعالى: * (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه) * (الأحزاب: 37) وغير ذلك، وتعقبه بأن الذي قاله أبو جعفر ليس بظاهر لأن قوله: ما شاء الله وشئت تشريك في مشيئته تعالى وأما الآية فإنما أخبر الله أنه أغناهم وأن رسوله أغناهم وهو من الله حقيقة لأنه الذي قدر ذلك، ومن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حقيقة باعتبار تعاطي الفعل. وكذا الانعام أنعم الله على زيد بن حارثة بالاسلام، وأنعم عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالعتق، وهذا بخلاف المشاركة في المشيئة فإنها منفردة لله سبحانه وتعالى بالحقيقة، وإذا نسبت لغيره فبطريق المجاز. قوله:
إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم في رواية للترمذي من حديث ابن عمر:
أنه سمع رجلا يقول: لا والكعبة، فقال: لا تحلف بغير الله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من حلف بغير الله فقد كفر وأشرك قال الترمذي: حسن وصححه الحاكم. والتعبير بقوله كفر أو أشرك للمبالغة في الزجر