عن أحد قبله * وقال مالك: كل ما يؤكل. والماء فلا يحل بيعه قبل أن يقبض وما عدا هذين فجائز بيعه قبل أن يقبض، وقال مرة أخرى: كل ما يؤكل فقط وأما الماء فبيعه جائز قبل قبضه وجعل في كلا قوليه زريعة الفجل الأبيض. وزريعة الجزر. وزريعة السلق لا يباع شئ منها قبل القبض فقلنا: هذا لا يأكله أحد أصلا، وهذا الذي أنكرتم على الشافعي في ادخاله السقمونيا فيما يؤكل فقالوا: إنه يخرج منها ما يؤكل فقلنا: والشجر يخرج منها ما يؤكل فامنعوا من بيعها قبل القبض فانقطعوا، وما نعلم قولهم هذا كله كما هو عن أحد قبلهم * وخالف الحنيفيون. والمالكيون ههنا كل قوى روى عن الصحابة رضي الله عنهم، وأما الشافعي فلم يجز بيع ما ملك ببيع. أو نكاح. أو خلع قبل القبض أصلا وهذا قول فاسد بلا دليل، فان قالوا: قسنا النكاح. والخلع على البيع قلنا: القياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل لان النكاح يجوز بلا مهر يذكر أصلا، ولا يجوز البيع بلا ثمن يذكر، والنكاح لم يملك بصداقه رقبة شئ أصلا والخلع كذلك بخلاف البيع فظهر فساد هذا القول وبالله تعالى التوفيق * وأما حكم القمح فالذي ذكرنا قبل هذا في الكلام المتصل بهذا من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع حتى يقبض فهو الطعام فهذا تخصيص للطعام في البيع خاصة وعموم له بأي وجه ملك، فان قيل:
من أين خصصتم القمح بذلك دون سائر الطعام؟ قلنا: لان اسم الطعام في اللغة التي بها خاطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطلق هذا إلا على القمح وحده وإنما يطلق على غيره بإضافة، وقد قال تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم) فأراد عز وجل الذبائح لا ما يأكلون (1) فإنهم يأكلون الميتة. والدم. والخنزير ولم يحل لنا شئ من ذلك قط، وقال الله عز وجل: (ان الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منى ومن لم يطعمه فإنه منى) فذكر تعالى الطعم في الماء بإضافة ولا يسمى الماء طعاما، وقال لقيط بن معمر الايادي - جاهلي فصيح - في شعر له مشهور:
لا يطعم النوم الا ريث يبعثه * هم يكاد جواه يحطم الضلعا فأضاف الطعم إلى النوم والنوم ليس طعاما بلا شك، وقد ذكرنا قول عبد الله بن معمر وكان طعامنا يومئذ الشعير فذكر الطعام في الشعير في إضافة لا باطلاق، وقد ذكرنا (2) من طريق أبي سعيد الخدري قوله: كنا نخرج على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام صاعا من شعير صاعا من تمر صاعا من زبيب صاعا من أقط، فلم يطلق الطعام الا على القمح وحده لاعلى الشعير ولا على غيره، وروينا من طريق الحجاج بن المنهال نا يزيد