قال على: وقد كذبوا ما تعين قط في ماله الا بعد موته، وأبو حنيفة لا يجيز ضمان دين على الميت الا بان يترك وفاء فظهر فساد قولهم جملة * واحتجوا في ذلك بان الدين قد هلك وأجازوا الضمان على الحق المفلس والدين قد هلك وهذا تناقض، فان قالوا: قد يكسب المفلس (1) ما لا قلنا: وقد يطرأ للميت مال لم يكن عرف حين موته، وهذا منهم خلاف لرسول الله صلى الله عليه وسلم مجرد، وممن قال بقولنا في الضمان عن الميت الذي لا يترك وفاء مالك وأبو يوسف. ومحمد بن الحسن. والشافعي. وأبو سليمان * روينا من طريق البخاري نا مكي بن إبراهيم نا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع [رضي الله عنه] (2) قال:
(كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بجنازة فقالوا: صل عليها فقال: هل ترك شيئا؟
قالوا: لا قال: فهل عليه دين؟ قالوا: نعم ثلاثة دنانير قال: صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلى دينه فصلى عليه)، ففي هذا الخبر جواز ضمان دين الميت الذي لم يترك وفاء بدينه بخلاف رأى أبي حنيفة، وفيه أن الدين يسقط بالضمان جملة لأنه لو لم يسقط عن الميت وينتقل إلى ذمة أبى قتادة لما كانت الحال الا واحدة، وامتناعه عليه السلام من الصلاة عليه قبل ضمان أبى قتادة لدينه ثم صلاته عليه السلام عليه بعد ضمان أبى قتادة برهان صحيح على أن الحال الثانية غير الأولى وان الدين الذي لا يترك به وفاء قد بطل وسقط بضمان الضامن ولزم ذمة الضامن بقول أبى قتادة الذي أقره عليه النبي صلى الله عليه وسلم على دينه، فصح أن الدين على الضامن بعد لا على المضمون عنه، وفيه أيضا جواز الضمان بغير محضر الطالب الذي له الحق، وإذ قد سقط الدين بالضمان كما ذكرنا فلا يجوز رجوعه بعد سقوطه بالدعوى الكاذبة بغير نص ولا اجماع، وأيضا الخبر الذي روينا من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى انا حماد بن يزيد عن هارون بن رئاب حدثني كنانة بن نعيم العدوي عن قبيصة بن مخارق الهلالي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:
يا قبيصة ان المسألة لا تحل الا لاحد ثلاثة (3) رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك) وذكر باقي الخبر، فعم عليه لاسلام إباحة تحمل الحمالة عموما بكل حال، وبالله تعالى التوفيق * وأما قولنا: انه ان لم يرض المضمون له بالضمان لم يلزمه الا بان يوفيه أيضا من حقه فليس له حينئذ الا أخذه منه أو تركه جملة، ولا طلب له على المضمون عند بعدها فلانه