ذلك من السنة، وأيضا فان من المحال الممتنع أن يكون مال واحد معدود محدود هو كله على زيد وهو كله على عمرو، ولو كان هذا لكان للذي هو له عليهما أن يأخذهما جميعا بجميعه فيحصل له العدد مضاعفا، ولما سقط عن أحدهما حق قد لزمه بأداء آخر عن نفسه ما لزمه أيضا وهم لا يقولون بهذا، فظهر تناقضهم واختلاط قولهم (1) وانه لا يعقل ولا يستقر، فان قالوا: إنما هوله على أيهما طلبه منه قلنا: فهذا أدخل في المحال لأنه على هذا لم يستقر حقه على واحد منهما بعد لا على الضامن ولا على المضمون عنه، فإذ هو كذلك فلا حق له على واحد منهما بعد، فان قالوا: فإنكم تقولون في وارثين ترك مورثهما ألفي درهم فاخذ كل واحد منهما ألف درهم ثم ظهر غريم له على الميت ألف درهم: أنه يأخذها من أيهما شاء، وتقولون فيمن باع شقصا مشاعا ثم باعه المبتاع من آخر، والثالث من رابع: إن الشفيع يأخذه بالشفعة من أيهم شاء، وتقولون فيمن غصب ما لا ثم وهبه لآخر: فان المغصوب منه يأخذ بماله أيهما شاء قلنا: نعم وليس شئ من هذا مما أنكرناه من كون مال واحد على اثنين هو كله على كل واحد منهما اما الوارثان فإنهما اقتسما ما لا يحل لهما اقتسامه وحق الغريم في ذلك المال بعينه لا عند الوارثين أصلا فإنما يأخذ حقه من مال الميت حيث وجده ثم يرجع المأخوذ منه على صاحبه فيقتسمان ما بقي للغريم (2) حينئذ والقسمة الأولى فاسدة لان الله تعالى لم يجعل للورثة شيئا إلا بعد الوصية. والدين، وأما الغاصب يهب ما غصب فحق المغصوب منه عند الغاصب وحق الغاصب أن يرجع بما يؤدى على الذي وهبه إياه بغير حق فالمغصوب منه ان طلب الغاصب طلبه بحقه عنده وان طلب الموهوب له طلبه بحق الغاصب عنده من رد ما وهبه بالباطل فإذا فعل استحقه المغصوب منه بحقه عند الغاصب وهكذا كل ما انتقل ذلك المال بغير حق، وأما الشفيع فإنه مخير بين امضاء البيع أورده فهو يمضى بيع من شاء منهم ويرد بيع من شاء منهم بحق الشفعة، فظهر فاسد تنظيرهم وبالله تعالى نتأيد * واحتجوا على خبر أبي قتادة الذي ذكرنا بخبر رويناه من طريق ابن أبي شيبة عن حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال: (مات رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعليه دين؟ قلنا: نعم ديناران فقال عليه السلام: صلوا على صاحبكم فتحملهما أبو قتادة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: حق الغريم عليك وبرئ منهما الميت قال: نعم يا رسول الله فصلى عليه فلما كان من الغد قال عليه السلام لأبي قتادة:
ما فعل الديناران؟ قال: يا رسول الله إنما دفناه أمس ثم أتاه بعد فقال له: ما فعل