الديناران؟ قال: قضيتهما يا رسول الله قال: الآن بردت عليه جلده)، وبخبرين آخرين لا يصحان أحدهما (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) والآخر فيه انه عليه السلام قال لعلي إذا ضمن دين الميت: (فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك) * قال أبو محمد: وهذا من العجب (1) احتجاجهم باخبار هي أعظم حجة عليهم أما فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك فليس فيه دليل ولا نص على ما يدعونه من بقاء الدين على المضمون عنه، ونحن نقول: إنه قد فك رهانه بضمانه دينه فقط فإنه حول دينه على نفسه (2) حيا كان المضمون عنه أو ميتا، وأما نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه فليس فيه أنه حكم المضمون عنه ولا أنه حكم من لم يمطل بدينه بعط طلب صاحبه إياه منه، ونحن نقول: إن المطالب بدينه في الآخرة إنما هو من مطل به وهو غنى فصار ظالما فعليه اثم المطل أعسر بعد ذلك أو لم يعسر وإن كان حق الغريم فيما يتخلف من مال أو في سهم الغارمين من زكوات المسلمين ان لم يخلف مالا، وقد يمكن أن يعفوا الله تعالى عنه ذنب المطل إذا قضى عنه مما يخلف أو من سهم الغارمين أو قضاه عنه الضامن ففي هذا جاءت الأحاديث في تشديد أمر الدين، وأما من لم يمطل قط به فلم يظلم وإذا لم يظلم فلا اثم عليه ولا تبعة وحق الغريم ان مات الذي عليه الدين فيما يتخلف أو في سهم الغارمين والظالم حينئذ من مطله بعد موت الذي عليه الدين من ورثة أو سلطان ولا اثم على الميت أصلا لقول الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) وهو لم يمطل في حياته فلم يظلم وإذ لم يظلم في حياته فليس في وسعه الانصاف بعد موته وإنما عليه الاقرار به فقط وبالله تعالى التوفيق [وبه نتأيد] (3) * وأما حديث أبي قتادة من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل فأعظم حجة عليهم لو كان لهم مسكة انصاف (4) لان فيا نصا قول النبي صلى الله عليه وسلم للضامن عن الميت: (حق الغريم عليك وبرئ منهما الميت، قال الضامن: نعم) أليس في هذا كفاية لمن له مسكة دين أو أقل تمييز؟
ولكنهم قوم مفتونون، فان قيل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا قضاهما: (الآن بردت عليه جلده)؟ قلنا: هذا لا متعلق فيه في بقاء الدين عليه الميت ولا في رجوعه عليه لان نص الخبر قد ورد فيه بعينه: (ان الميت قد برئ من الدين وان حق الغريم على الزعيم) فلا معنى للزيادة في هذا، وأما قوله عليه السلام: (الآن بردت عليه جلده) فقد أصاب عليه السلام ما أراد وقوله الحق لا نشك فيه لكن نقول: إنه قد يكون تبريد زائد دخل عليه حين