فمن كان له على آخر حق مال من بيع أو من غير بيع من أي وجه كان حالا أو إلى أجل سواء كان الذي عليه الحق حيا أو ميتا فضمن له ذلك الحق انسان لا شئ عليه للمضمون عنه بطيب نفسه وطيب نفس الذي له الحق فقد سقط ذلك الحق عن الذي كان عليه وانتقل إلى الضامن ولزمه بكل حال ولا يجوز للمضمون له أن يرجع على المضمون عنه، ولا على ورثته ابدا بشئ من ذلك الحق انتصف أو لم ينتصف ولا بحال من الأحوال ولا يرجع الضامن على المضمون عنه ولا على ورثته أبدا بشئ مما ضمن عنه أصلا سواء رغب إليه في أن يضمنه عنه أو لم يرغب إليه في ذلك الا في وجه واحد وهو أن يقول الذي عليه الحق اضمن عنى ما لهذا على فإذا أديت عنى فهو دين لك على فههنا يرجع عليه بما أدى عنه لأنه استقرضه ما أدى عنه فهو قرض صحيح * أما قولنا: ان الكفالة هي الضمان. والحمالة. والزعامة. والقبالة، والضامن هو القبيل. والكفيل. والزعيم. والحميل فاللغة والديانة لا خلاف فيهما في ذلك، وأما عموم جواز الضمان في كل حق من بيع أو غيره فلانه ليس فيه بيع أصلا وإنما هو نقل حق فقط، وأما جواز الضمان بغير رغبة المضمون عنه فلما روينا من طريق أبى داود نا مسدد [بن مسرهد] (1) نا يحيى بن سعيد القطان نا ابن أبي ذئب قال: حدثني سعيد ابن أبي سعيد المقبري قال: سمعت أبا شريح الكعبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انكم يا معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل [من هذيل] (2) وانى عاقله) وذكر باقي الخبر، فضمن النبي صلى الله عليه وسلم عنهم الدية بغير رغبتهم في ذلك، وقال أبو حنيفة: لا يجوز الضمان إلا بمحضر الذي له الحق إلا في موضع واحد وهو المريض يقول لورثته: أيكم يضمن عنى دين فلان على فيضمنه أحدهم - فيجوز بغير محضر الطالب، وهذا كلام في غاية الفساد لأنه دعوى بلا برهان أصلا، واحتج له بعض المبتلين بتقليده انه عقد كالنكاح والبيع فلا يصح الا بمحضر هما جميعا * قال أبو محمد: وهذا قياس والقياس كله فاسد ثم أنه لو صح لكان هذا منه عين الفساد (3) أول ذلك أنهم ينتقضون من قرب فيجيزون نكاح الصغيرة بغير محضرها ويجيزون الضمان لدين المريض بغير محضر صاحب الحق، ثم إن الضمان ليس عقدا على المضمون له وإنما هو على الضامن وحده وإنما للمضمون له انصافه من حقه فقط فان انصف في مثل هذا وإلا فلا يلزمه ما لم يرض به وهو باق على حقه كما كان، وراموا الفرق بين مسألة المريض وغيرها بان قالوا: إن الدين قد تعين في مال المريض *
(١١١)