ويزيد من التناقض والفساد في قول أبي حنيفة تفريقه بين الدين الحال والمؤجل في ذلك وتفريقه بين ما تكلفه الام وبين ما يكلفه الولد، وتفريقه بين اقراره بالحمل وبين اقراره بالولد بعد الوضع فيما يكلفه من الاستسعاء في الحالين، وتفريقه بين ما تكلفه أم الولد وبين ما يكلفه العبد بعتق، وتفريقه بين الرجوع مرة على السيد بما غرم الغارم منهم وبين منعهم من الرجوع عليه مرة بذلك وأغرب من ذلك كله قوله: إن الولد يستسعى فليت شعري إلى متى بقي هذا الدين المسخوط حتى ولد المحمول به وحتى فطم وكبر وبلغ وتصرف؟ أفإن مات قبل ذلك ما ذا يكون؟ كل هذا بلا دليل أصلا لا من قرآن. ولا سنة. ولا رواية سقيمة. ولا فوق أحد من ولد آدم قبلهم. ولا قياس أصلا. ولا رأى له وجه ما مثل عقول أنتجت هذه الأقوال بمأمونة على تدبير نواة محرقة فكيف على التحكم في الدين؟ وإن نعم (1) الله تعالى علينا لعظيمة في توفيقه لنا إلى اتباع كتابه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يموهون بأن يقولوا: قسنا ذلك على الاستسعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العبد المشترك يعتقه سيده وهو معسر فان ذلك الحكم في عبد يملكه اثنان فصاعدا وليس ههنا مالك غير المعتق عبده والمولد أمته، ولو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل لأنه قياس حكم على ما لا يشبهه وعلى ما ليس منه في ورد ولا في صدر * قال أبو محمد: ثم نسألهم؟ ما الفرق بين عتقه وهبته وبيعه واصداقه إذ أجزتم البيع بغير اجماع ومنعتم من سائر ذلك؟ * وأما هلاك الرهن بغير فعل الراهن ولا المرتهن فللناس فيه خمسة أقوال، قالت طائفة: يترادان الفضل، تفسير ذلك ان الرهن إن كانت قيمته وقيمة الدين سواء فقد سقط الدين عن الذي كان عليه ولا ضمان عليه في الرهن فإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين بمقداره من الرهن وكلف المرتهن أن يودى (2) إلى الراهن مقدار ما كان تزيده (3) قيمة الرهن على قيمة الدين، وإن كانت قيمة الرهن أقل سقط من الدين بمقداره وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن * روينا من طريق الحكم. وقتادة أن علي بن أبي طالب قال: يتراجعان الفضل يعنى في الرهن يهلك، وروى أيضا عن ابن عمر وهو قول عبيد الله بن الحسين. وأبى عبيد.
وإسحاق بن راهويه * وقالت طائفة: إن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين أو مثلها فقد بطل الدين كله ولا غرامة على المرتهن في زيادة قيمة الرهن على قيمة الدين