ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه (1) وقالوا: قد أجمع الصحابة على تضمين الرهن والمرتهن أمين فيما زاد من قيمة الرهن على قيمة دينه * قال أبو محمد: أما قولهم: ان المرتهن أمين فيما فضل من قيمة الرهن على قيمة دينه فدعوى فاسدة وتفريق بلا دليل وما هو الا أمين في الكل أو غير أمين في الكل، وأما قولهم:
أجمع الصحابة على تضمين الرهن فقول جروا فيه على عادتهم الخفيفة على ألسنتهم من الكذب على الصحابة بلا مؤنة، ويا للمسلمين هل جاء في هذا كلمة عن أحد من الصحابة الاعن عمر. وعلى. وابن عمر فقط، فأما عمر فلم يصح عنه ذلك لأنه من رواية عبيد بن عمير وعبيد لم يولد الا بعد موت عمر أو أدركه صغيرا لم يسمع منه شيئا: وأما ابن عمر فلا يصح عنه لأنه من رواية إبراهيم بن عمير عنه وهو مجهول، وقد روى عنه يترادان الفضل، وأما على فمختلف عنه في ذلك وأصح الروايات عنه اسقاط التضمين فيما أصابته جائحة كما أوردنا آنفا ثم أعجب شئ دعواهم ان الصحابة أجمعوا على تضمين الرهن فان صح ذلك فهم قد خالفوا الاجماع لأنهم لا يضمنون بعض الرهن وهو ما زاد من قيمته على قيمة الدين فهذا حكمهم على أنفسهم، وأما الحديث الذي ذكروا فمرسل ولا حجة في مرسل، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة أصلا لأنه لا يدل على شئ من قولهم، ولا تقسيمهم وإنما مقتضاه لو صح هو ان قوله: لا يغلق الرهن ممن رهنه، بضم الراء وكسر الهاء له غنمه وعليه غرمه فوجب ضمان الرهن على المرتهن ولابد بخلاف قولهم، وقوله: (لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه) إن كان أراد بصاحبه مالكه وهو الأظهر فهو يوجب أن خسارته منه ولا يضمنه له المرتهن، وإن كان أراد بصاحبه المرتهن فهو يوجب ضمانه له بكل حال فصار حجة عليهم بكل وجه وبطل قولهم، ونقول لهم في أي الأصول وجدتم شيئا واحدا رهنا كله عن دين واحد بعضه مضمون وبعضه أمانة وأنتم تردون السنن بخلافها بالأصول بزعمكم ثم تخالفونها جهارا بلا نص، وأما من قال: يترادان الفضل فما نعلم لهم حجة أصلا الا أنه استحسان وكأنه لما كان الرهن مكان الدين تقاضا فيه وهذا رأى، والدين لا يؤخذ بالآراء، وأما من قال، ذهبت الرهون بما فيها فإنهم احتجوا بخبر رويناه من طريق مصعب بن ثابت عن عطاء أن رجلا