فهو منسوخ بتحريم الربا وبالنهي عن سلف جر منفعة * قال أبو محمد: وهذا كلام في غاية الفساد والجرأة، أول ذلك ان هذا خبر ليس مسندا لأنه ليس فيه بيان بان هذا اللفظ من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضا فان فيه لفظا مختلفا لا يفهم أصلا وهو قوله ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقتها وتركب، وحاش لله أن يكون هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان لنا، وهذه الرواية إنما هي من طريق إسماعيل بن سالم الصايغ مولى بني هاشم عن هشيم فالتخليط من قبله لا من قبل هشيم فمن فوقه لان حديث هشيم هذا رويناه من طريق سعيد بن منصور الذي هو أحفظ الناس لحديث هشيم وأضبطهم له فقال: نا هشيم عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة يرفع الحديث فيما زعم (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرهن يركب ويعلف ولبن الدر إذا كان مرهونا يشرب وعلى الذي يشر به النفقة والعلف) وأما قول هذا الجاهل فإذ ذلك على المرتهن فهو منسوخ بالنهي عن الربا وبالنهي عن سلف جر منفعة فقد كذب وأفك وما للربا ههنا مدخل أصلا، ولو أنهم اتقوا الربا لما أقدموا عليه جهارا إذ أباحوا التمرتين بالأربع تمرات وإن كانت الأربع أكبر جسما وأثقل وزنا، وإذ أباح بعضه درهما فيه درهم ونصف بدرهم فيه درهم غير ثمن، وإذ أباحوا كلهم ألف درهم حاضرة بمائة دينار غائبة في الذمة فهذا هو الربا حقا لا انتفاع الراهن بماله ولا انتفاع المرتهن بالدر. والركوب المباحين له بالنص من أجل نفقته على المركوب والمحلوب، وقالوا أيضا: قد صح عن الشعبي أنه كره أن ينتفع الراهن من رهنه بشئ قالوا: وهو راوي الحديث فلم يتركه الا الفضل علم عنه * قال أبو محمد: وهذا من أسخف ما يأتون به، ولقد كنا نظن أن في بلادهم بعض العذر لهم إذ يحتجون بترك الصحاب لما روى حتى أتونا بترك السنة من أجل ترك الشعبي لها، وقد أوردنا أخذ أبي هريرة بما روى من ذلك فلئن مشوا هكذا ليكونن ترك مالك للاخذ بما روى حجة على الحنيفيين في أخذهم به وليكونن ترك أبي حنيفة لما بلغه من الحديث حجة على المالكيين في أخذهم به وهكذا سفلا (1) حتى يكون ترك كل أحد للحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه حجة قاطعة في رده، وهذا مذهب إبليس ومن اتبعه، ولا كرامة لاحد أن يكون حجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو عليه السلام الحجة على الجن والإنس، وأسلم الوجوه لمن خالف ما روى عن صاحب فمن دونه من الأئمة
(٩٢)