ملك فخطأ لائح أيضا لأنه أسقط وجوب المشي عن من نذره إلى المدينة وأوجبه على من نذره إلى مكة، وهذا عجب جدا: لا سيما مع قوله: إن المدينة أفضل من مكة ثم تخصيصه فيمن نذر المشي إلى بعض المشاعر كمزدلفة أو عرفة فلم يوجب ذلك وأوجبه إلى مكة. والى الكعبة. والى الحرم، وهذا كله تحكم بلا برهان، وكذلك قول الشافعي أيضا فإنه ينتقض بما ينتقض به قول أبى يوسف * وأما من نذر عتق عبد فلان ان ملكه أو أوجب على نفسه عتق عبده ان باعه فان من أخرج ذلك مخرج اليمين فهو باطل لا يلزم لما ذكرنا قبل، فان أخرج ذلك مخرج النذر لم يلزمه أيضا شئ لأنه إذا قال: عبدي حر إن بعته أو قال: ثوبي هذا صدقة ان بعته فباعه فقد سقط ملكه عنه، وإذا سقط ملكه عنه فمن الباطل أن ينفذ عتقه في عبد لا يملكه هو وإنما يملكه غيره وصدقته (1) كذلك، ومن قال: إن ابتعت عبد فلان فهو حر أو ان ابتعت دار فلان فهي صدقة ثم ابتاع كل ذلك لم يلزمه عتق ولا صدقة لما روينا من طريق مسلم نا علي بن حجر السعدي نا إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية - نا أيوب - هو السختياني - عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد) * (2) ومن طريق أبى داود السجستاني نا داود بن رشيد نا شعيب بن إسحاق عن الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة نا ثابت بن الضحاك - هو من أصحاب الشجرة - (أن رجلا [على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نذر أن ينحر إبلا ببوانة] (3) فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت ان أنحر إبلا بيوانة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها [وثن] (4) من أو ثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا [قال هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا] (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو ف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم)، ففي هذا الخبر نص ما قلنا من أنه لا يلزم المرء وفاء نذره (6) فيما لا يملكه، وفيه ايجاب الوفاء بنذر نحر الإبل في غير مكة وهو قولنا ولله الحمد * وقال الناس في هذا: أقوالا فاختلفوا في رجل قال: إن بعت عبدي هذا فهو حر، وقال آخر ان اشتريته منك فهو حر ثم باعه منه فان أبا حنيفة. وعبد العزيز بن الماجشون قالا: يعتق على المشترى لا على البائع، وقال مالك.
(٢٢)