رقبة الشئ المحبس لا مالك لها الا الله وإنما للمحبس عليهم المنافع فقط فلا تنتقض الإجارة بموت أحدهم ولا بولادة من يستحق بعض المنفعة لكن ان مات المستأجر انتقضت الإجارة لما ذكرنا من أن عقده قد بطل بموته ولا يلزم غيره إذ النص من القرآن قد أبطل ذلك بقوله عز وجل: (ولا تكسب كل نفس الا عليها) (فان قالوا): قد ساقى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود وملكها للمسلمين وبلا شك فقد مات من المسلمين قوم ومن اليهود قوم والمساقاة باقية قلنا: إن هذا الخبر حق ولا حجة لهم فيه بل هو حجة لنا عليهم لوجوه أربعة * أو لها ان ذلك العقد لم يكن إلى أجل محدود بل كان مجملا يخرجونهم إذا شاؤوا ويقرونهم ما شاؤوا كما نذكره في المساقاة إن شاء الله تعالى ولست الإجارة هكذا * والثاني انه إن كان لم ينقل الينا تجديد عقده صلى الله عليه وسلم أو عامله الناظر على تلك الأموال مع ورثة من مات من يهود وورثة من مات من المسلمين فلم يأت أيضا ولا نقل انه اكتفى بالعقد الأول عن تجديد آخر فلا حجة لهم فيه ولا لنابل لا شك (1) في صحة تجديد العقد في ذلك * والثالث أنهم لا يقولون بما في هذا الخبر، ومن الباطل احتجاج قوم بخبر لا يقولون به على من يقول به وهذا معكوس * والرابع أن هذا الخبر إنما هو في المساقاة والمزارعة وكلا منا ههنا في الإجارة وهي أحكام مختلفة وأول من يخالف بينهما فالمالكيون والشافعيون المخالفون لنا في هذا المكان فلا يجيزان المزارعة أصلا قياسا على الإجارة ولا يريان للمساقاة حكم الإجارة، فمن المحال ان لا يقيسوا الإجارة عليهما وهم أهل القياس ثم يلزموننا أن نفيسها عليهما ونحن نبطل القياس، وبالله تعالى التوفيق * وأما البيع. والهبة. والعتق. والاصداق وغير ذلك فان الله تعالى يقول: (وأحل الله البيع) ويقول: (والمصدقين والمصدقات) ويقول: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة وحض على العتق فعم تعالى ولم يخص، فكل ذلك في كل ما يملكه المرء فإذا نفذ كل ذلك فيه فقد خرج عن ملك مالكه فإذا خرج عن ملكه فقد بطل عقده فيه إذ لا حكم له في مال غيره ولا يحل للمستأجر منافع حادثة في ملك غير مؤاجره وخدمة حر لم يعاقده قط لأنها حرام عليه لأنها بغير طيب نفس مالكها وبغير طيب نفس الحر فهو أكل مال بالباطل فان ذكروا قول الله تعالى: (أوفوا بالعقود) وهذا عقد لازم حق قلنا: نعم هو مأمور بالوفاء بالعقد في ماله لا في مال غيره بل هو محرم عليه التصرف في مال غيره، (فان قالوا) اخراجه للشئ الذي آجر من ملكه ابطال للوفاء بالعقد الذي هو مأمور بالوفاء به قلنا:
وقولكم لا يخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما أصلا اما أن تمنعوه من اخراجه عن