بأن يوجبوا ذلك عليه معسرا كان أو موسرا (1) كما يفعلون في كل مستهلك وهم لا يفعلون هذا فكيف يستحل من يدرى أن الله تعالى سائله عن كلامه في الدين. وأن عباد الله تعالى يتعقبون كلامه على هذه المجاهرة القبيحة الفاسدة من إحالة السنن عن مواضعها وسعيهم في ادحاض الحق بذلك؟ وليس لهم أن يدعو ههنا اجماعا لان ابن أبي ليلى. وزفر بن الهذيل يضمنونه معسرا أو موسرا وما نبالي بطرد هذين أصلهما في الخطأ لأنهما في ذلك مخالفان لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنه عليه السلام لم يضمن المعسر شيئا وإنما أمر في ذلك بالاستسعاء للمعتق فقط * روينا من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد الطويل قال: سمعت أنس بن مالك يحدث (أن زينب بنت جحش أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس فقامت عائشة فأخذت القصعة فضربت بها الأرض فكسرتها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قصعة لها فدفعها إلى رسول زينب فقال: هذه مكان صحفتها وقال لعائشة: لك التي كسرت) فهذا قضاء بالمثل لا بالدراهم بالقيمة، وقد روى عن عثمان. وابن مسعود انهما قضيا علي من استهلك فصلانا بفصلان مثلها * وعن زيد بن ثابت. وعلى أنهما قضيا بالمثل فيمن باع بعيرا واستثنى جلده. ورأسه. وسواقطه * وعن عمر. وعثمان. والحسن. والشعبي. وقتادة. في فداء ولد الغارة بعبيد لا بالقيمة * ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن شريح أنه قضى في قصار شق ثوبا ان الثوب له وعليه مثله فقال رجل:
أو ثمنه فقال شريح: انه كان أحب إليه من ثمنه قال: إنه لا يجد قال: لا وجد * وعن قتادة أنه قضى في ثوب استهلك بالمثل * قال أبو محمد: لم نورد قول أحد ممن أوردنا احتجاجا به وإنما أوردناه لئلا يهجموا بدعوى الاجماع جرأة على الباطل، فان قالوا: فإنكم لا تقضون بالمكسور للكاسر فقد خالفتم الحديث قلنا: حاش لله من ذلك لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ان دماءكم وأموالكم عليكم حرام) فعلمنا أنه عليه السلام لا يعطى أحدا غير حقه ولا أكثر من حقه ولم يقل عليه السلام انها لك من أجل كسرك إياها فقد كذب عليه من نسب إليه هذا الحكم من غير أن يقوله عليه السلام، فصح بذلك يقينا ان تلك الكسارة التي أعطى لعائشة رضي الله عنها لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما اما أنها لم تصلح لشئ فأبقاها (2) كما يحل لكل انسان منا ما فسد جملة من متاع غيره ولم ينتفع منه بشئ، وإما ان قصعة عائشة التي أعطى كانت خيرا من التي كانت لزينب رضي الله عنها فجبر عليه السلام تلك الزيادة بتلك الكسارة