قول الشافعي. وقول أبى سليمان، وقال أبو حنيفة. ومالك: يجوز ضمان الوجه الا ان مالكا قال: إن ضمن الوجه غرم المال الا أن يقول الوجه خاصة فكان هذا التقسيم طريفا جدا وما يعلم أحد فرق بين قوله أنا أضمن وجهه وبين قوله أنا اضمن وجهه خاصة، وكلا القولين لم يلتزم فيه غرامة مال ولا ضمانة أصلا فكيف يجوز أن يأخذ بغرامة مال لم يضمنه قط؟ وحسبنا الله ونعم الوكيل، وما نعلم لمالك في هذا التقسيم سلفا * واحتج المجيزون ضمان الوجه بخبر رويناه من طريق العقيلي عن إبراهيم بن الحسن الهمداني عن محمد بن إسحاق البلخي عن إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك عن أبيه خثيم عن عراك عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كفل في تهمة) * وبما روينا من طريق ابن وهب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي عن أبيه ان عمر بعثه مصدقا علي بنى سعد هذيم فذكر الخبر وفيه (أنه وجد فيهم رجلا وطئ أمة امرأته فولدت منه فأخذ حمزة بالرجل كفيلا) لأنهم ذكروا له أن عمر قد عرف خبره وانه لم ير عليه رجما لكن جلده مائة فلما أتى عمر أخبره الخبر فصدقهم عمر قال:
وإنما درأ عنه الرجم (1) لأنه عذره بالجهالة * وبخبر رويناه من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن ابن مسعود أتى بقوم يقرون بنبوة مسيلمة وفيهم ابن النواحة فاستتابه فأبى فضرب عنقه ثم إن ابن مسعود استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الباقين فأشار عليه عدى بن حاتم بقتلهم وأشار عليه الأشعث بن قيس. وجرير بن عبد الله باستتابتهم وان يكفلهم عشائرهم فاستتابهم فكفلهم عشائرهم ونفاهم إلى الشام * وذكروا أن شريحا كفل في دم وحبسه في السجن، وان عمر بن عبد العزيز كفل في حد قالوا: وهذا اجماع من الصحابة كما ترى * قال أبو محمد: في احتجاج من احتج بهذا كله دليل على رقة دين المحتج به ولا مزيد وعلى قلة مبالاته بالفضيحة العاجلة والخزي الآجل عند الله تعالى وما لهم حجة أصلا غير ما ذكرنا وكل ذلك باطل * أما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فباطل لأنه من رواية إبراهيم بن خثيم بن عراك وهو وأبوه في غاية الضعف لا تجوز الرواية عنهما ومعاذ الله من أن يأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا بتهمة وهو القائل: (إياكم والظن فان الظن أكذب الحديث) والتهمة ظن، ولو جاز ان يكفل انسان بتهمة لوجب الكفيل على كل من على ظهر الأرض إذ ليس أحد بعد الصدر الأول يقطع ببراءته من التهمة، وهذا تخليط لا نظير له والمحتجون بهذا الخبر لا يقولون بما فيه من أخذ الكفالة في التهمة فمن أضل ممن يحتج