ولنا على اشتراط تعذر شهادة شاهد الأصل انه إذا أمكن الحاكم أن يسمع شهادة شاهدي الأصل استغنى عن البحث عن عدالة شاهدي الفرع وكان أحوط للشهادة فإن سماعه منهما معلوم وصدق شاهدي الفرع مظنون والعمل باليقين مع إمكانه أولى من ابتاع الظن، ولان شهادة الأصل تثبت نفس الحق وهذه إنما تثبت الشهادة عليه ولان في شهادة الفرع ضعفا لأنه يتطرق إليها احتمالان:
احتمال غلط شاهدي الأصل واحتمال غلط شاهدي الفرع فيكون ذلك وهنا فيها ولذلك لم تنتهض لاثبات الحدود والقصاص فينبغي أن لا تثبت إلا عند عدم شاهدي الأصل كسائر الابدال ولا يصح قياسها على أخبار الديانات لأنه خفف فيها ولهذا لا يعتبر فيها العدد ولا الذكورية ولا الحرية ولا اللفظ والحاجة داعية إليها في حق عموم الناس بخلاف مسئلتنا ولنا على قبولها عند تعذرها بغير الموت انه تعذرت شهادة الأصل فتقبل شهادة الفرع كما لو مات شاهد الأصل ويخالف الحاضرين فإن سماع شهادتهما ممكن فلم يجز غير ذلك إذا ثبت هذا فذكر القاضي ان الغيبة المشترطة لسماع شهادة الفرع أن يكون شاهد الأصل بموضع لا يمكنه أن يشهد ثم يرجع من يومه وهذا قاله أبو يسوف وأبو حامد من أصحاب الشافعي لأن الشاهد تشق عليه المطالبة بمثل هذا السفر وقد قال الله تعالى (ولا يضار كاتب ولا شهيد) وإذا لم يكلف الحضور تعذر سماع شهادته فاحتيج إلى سماع شهادة الفرع