(الثاني) ان النفقة تراد لاحياء النفس وابقاء المهجة وهذا مما لا يصبر عنه ولا سبيل إلى تركه فجاز أخذ ما تندفع به هذه الحاجة بخلاف الدين حتى نقول لو صارت النفقة ماضية لم يكن لها أخذها ولو وجب لها عليه دين آخر لم يكن لها اخذه فعلى هذا ان اخذ شيئا لزمه رده إن كان باقيا وإن كان تالفا وجب مثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان متقوما فإن كان من جنس دينه تقاصا وتساقطا في قياس المذهب وإن كان من غير جنسه لزمه غرمه ومن جوز من أصحابنا الاخذ فإنه قال إن وجد من جنس حقه جاز له الاخذ منه بقدر حقه من غير زيادة وليس له الاخذ من غير جنس حقه مع قدرته على اخذه من جنسه وان لم يجد الا من غير جنس حقه فيحتمل ان لا يجوز له تملكه لأنه لا يجوز ان يبيعه من نفسه وهذا يبيعه من نفسه وتلحقه فيه تهمة ويحتمل ان يجوز له ذلك كما قالوا: الرهن ينفق عليه إذا كان مركوبا أو محلوبا يركب ويحلب بقدر النفقة وهي من غير الجنس واختلف أصحاب الشافعي فمنهم من جوز له هذا ومنهم من قال يواطئ رجلا يدعي عليه عند الحاكم دينا فيقر له بملك الشئ الذي أخذه فيمتنع من عليه الدعوى من قضاء الدين ليبيع الحاكم لشئ المأخوذ ويدفعه إليه (فصل) إذا ادعى إنسان على إنسان حقا وأقام به شاهدين فلم يعرف لحاكم عدالتهما فسأل حبس غريمه حتى تثبت عدالة شهوده أجيب إلى ذلك لأن الظاهر من المسلمين العدالة ولان الذي على الغريم قد اتى به وإنما بقي ما على الحاكم وهو الكشف عن عدالة الشهود وان أقام شاهدا واحدا وسأل حبس غريمه ليقيم شاهدا آخر وكان الحق مما لا يثبت الا بشاهدين لم يحبس المدعى عليه لأن البينة ما تمت والحبس عذاب فلا يتوجه عليه دون تمام البينة وإن كان الحق مما يثبت بشاهد ويمين ففيه وجهان (أحدهما) يحبس له لأن الشاهد الواحد حجة في المال وإنما اليمين مقوية له (والثاني) لا يحبس وهو الصحيح لأنه ان يحبس ليقيم شاهدا اخر بتم به البينة فهو كالحقوق التي لا تثبت الا بشاهدين وان حبس ليحلف معه فلا حاجة إليه فإن الحلف ممكن في الحال فإن حلف ثبت حقه والا لم يجب شئ ويحتمل ان يقال إن كان المدعي باذلا لليمين والتوقيف لأجل اثبات عدالة الشاهد حبس لما
(٢٣١)