أهل الفتيا من علماء الأمصار وحكي عن سعيد بن المسيب والأوزاعي أنهما قالا ينقض الحكم وان استوفي الحق لأن الحق ثبت بشهادتهما فإذا رجعا زال ما ثبت به الحكم فنقض الحكم كما لو تبين أنهما كانا كافرين ولنا أن حق المشهود له وجب له فلا يسقط بقولهما كما لو ادعياه لأنفسهما. يحقق هذا ان حق الانسان لا يزول إلا ببينة أو اقرار ورجوعهما ليس بشهادة ولهذا لا يفتقر إلى لفظ الشهادة ولا هو اقرار من صاحب الحق وفارق ما إذا تبين انهما كانا كافرين لأننا تبينا انه لم يوجد شرط الحكم وهو شهادة العدول وفي مسئلتنا لم يتبين ذلك بجواز أن يكونا عدلين صادقين في شهادتهما وإنما كذبا في رجوعهما ويفارق العقوبات حيث لا تستوفى فإنها تدرأ بالشبهات (الحال الثالث) أن يرجعا بعد الاستيفاء فإنه لا يبطل الحكم ولا يلزم المشهود له شئ سواء كان المشهود به مالا أو عقوبة لأن الحكم قد تم باستيفاء المحكوم به ووصول الحق إلى مستحقه ويرجع به على الشاهدين ثم ينظر فإن كان المشهود به اتلافا في مثله القصاص كالقتل والجرح نظرنا في رجوعها فإن قالا عمدنا الشهادة عليه بالزور ليقتل أو يقطع فعليهما القصاص وبهذا قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد وقال أصحاب الرأي لاقود عليهما لأنهما لم يباشرا الاتلاف فأشبها حافر البئر وناصب السكين إذا تلف بهما شئ
(١٣٨)