ومالك والشافعي وقال شريح وعون بن عبد الله والنخعي والشعبي وابن أبي ليلى يستحلف الرجل مع بينته قال شريح لرجل لو أثبت عندي كذا وكذا شاهدا ما قضيت لك حتى تحلف ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي (بينتك أو يمينه ليس لك إلا ذلك) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه) ولان البينة إحدى حجتي الدعوى فيكتفى بها كاليمين. قال أصحابنا ولا فرق بين الحاضر والغائب والحي والميت والصغير والكبير والمجنون والمكلف وقال الشافعي إذا كان المشهود عليه لا يعبر عن نفسه أحلف المشهود له لأنه لا يمكنه أن يعبر عن نفسه في دعوى القضاء والابراء فيقوم الحاكم مقامه في ذلك لتزول الشبهة وهذا حسن فإن قيام البينة للمدعي بثبوت حقه لا ينفي احتمال القضاء والابراء بدليل أن المدعى عليه لو ادعاه سمعت دعواه وبينته فإن كان حاضرا مكلفا فسكوته عن دعوى ذلك دليل على انتفائه فيكتفى بالبينة، وإن كان غائبا أو ممن لا قول له نفي احتمال ذلك من غير دليل يدل على انتفائه فتشرع اليمين لنفيه وإن لم تكن للمدعي بينة وكانت للمنكر بينة سمعت بينته ولم يحتج إلى الحلف معها لأنا إن قلنا بتقديمها مع التعارض وانه لا يحلف معها فمع انفرادها أولى، وإن قلنا بتقديم بينة المدعى عليه فيجب أن يكتفى بها عن اليمين لأنها أقوى من اليمين فإذا اكتفي باليمين فيما هو أقوى منها أولى ويحتمل أن تشرع اليمين أيضا لأن البينة ههنا يحتمل أن تكون مستندها اليد والتصرف فلا تفيد إلا ما أفادته اليد والتصرف وذلك لا يغني عن اليمين فكذلك ما قام مقامه
(١٦٩)