أن يستحلف في كل حق لآدمي وهو قول الشافعي وابن المنذر ونحوه قول أبي يوسف ومحمد لقول النبي (ص) (ولكن اليمين على المدعى عليه) ولأنه حق لآدمي فيستحلف فيه كالمال، ثم اختلفوا فقال أبو يوسف ومحمد يستحلف في النكاح فإن نكل ألزم النكاح، وقال الشافعي وإن نكل ردت اليمين على الزوج فحلف وثبت النكاح ولنا أن هذا مما لا يحل بذله فلم يستحلف فيه كالحد يحقق هذا أن الابضاع مما يحتاط فيها فلا تباح بالنكول ولا به وبيمين المدعي كالحدود وذلك لأن النكول ليس بحجة قوية إنما هو سكوت مجرد يحتمل أن يكون لخوفه من اليمين أو للجهل بحقيقة الحال أو للحياء من الحلف والتبذل في مجلس الحاكم ومع هذه الاحتمالات لا ينبغي أن يقضى به فيها يحتاط له ويمين المدعي إنما هي قول نفسه لا ينبغي أن يعطى بها أمرا فيه خطر عظيم واثم كبير ويمكن من وطئ امرأة يحتمل أن تكون أجنبية منه وأما الحديث فإنما تناول الأموال والدماء فلا يدخل النكاح فيه، ولو دخل فيه كل دعوى لكان مخصوصا بالحدود فالنكاح في معناه بل النكاح أولى لأنه لا يكاد يخلو من شهود لكون الشهادة شرطا في انعقاده أو من اشتهاره فيشهد فيه بالاستفاضة والحدود بخلاف ذلك إذا ثبت هذا فإنه يفرق بينهما ويحال بينه وبينهما ويخلى سبيلها، وإن قلنا إنها تحلف على الاحتمال الآخر فنكلت لم يقض بالنكول وتحبس في أحد الوجهين حتى تقر أو تحلف وفي الآخر يخلى سبيلها وتكون فائدة شرع اليمين التخويف والردع لتقر إن كان المدعي محقا أو تحلف تبرأ إن كان مبطلا
(١٦٣)